إنّ أطول آية في القرآن آية الدَيْن ، التي أمر الله فيها عموم المسلمين بكتابة الديون حتّى اليومية منها ، فقال تعالى : (يا أيّها الّذينَ آمنوا إذا تَدايَنْتُمْ بدَيْنٍ إلى أجلٍ مسمّىً فاكْتُبوهُ ولْيَكتُبْ بينَكمْ كاتبٌ بالعدلِ ولايأبَ كاتبٌ أنْ يكْتُبَ كما علّمهُ اللهُ فلْيَكتُبْ ولْيُمْلِلِ الّذي عليهِ الحقُّ ولْيَتَّقِ اللهَ رَبَّهُ ولا يَبْخَسْ منهُ شيئاً فإنْ كانَ الّذي عليهِ الحقُّ سَفيهاً أو ضَعيفاً أو لا يَستطيعُ أنْ يُمِلَّ هُوَ فلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بالعدلِ) (١) .. الآية.
وقد صحّ عندنا أنّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم كان يأمر بكتابة أحاديثه ، بل تدلّ عليه مصادر غيرنا أيضاً ، ففي صحيح البخاري ١ / ٣٦ : «عن أبي هريرة : ما من أصحاب النبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم أحد أكثر حديثاً عنه منّي ، إلاّ ما كان من عبـد الله بن عمرو ، فإنّه كان يكتب ولا أكتب» ، وفيه أيضاً : «فجاء رجل من أهل اليمن فقال : اكتب لي يا رسول الله ، فقال : اكتبوا لأبي فلان».
وفي مسند أحمد ٢ / ١٧١ : «أخرج لنا عبـد الله بن عمرو قرطاساً وقال : كان رسول الله يعلّمنا ، يقول : اللّهمّ فاطر السموات والأرض ، عالم الغيب والشهادة ، أنت ربّ كلّ شيء وإله كلّ شيء ، أشهد أن لا إله إلاّ أنت وحدك لاشريك لك ، وأنّ محمّـداً عبدك ورسولك ، والملائكة يشهدون ...».
وروى الطبرسي في الاحتجاج ١ / ٤٢ : «ثمّ قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : يامعشر المسلمين واليهود! اكتبوا بما سمعتم. فقالوا : يا رسول الله قد سمعنا ووعينا ولا ننسى. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : الكتابة أذكر لكم».
بل تدلّ الأحاديث والنصوص على أنّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أوّل من أسّس الإحصاء ودوّن الدواوين ، وليس غيره كما زعموا ، قال البخاري : ٤ / ٣٣ : «عن الأعمش ، عن أبي وائل ، عن حذيفة رضي الله عنه ، قال : قال النبيّ صلّى الله
____________
(١) سورة البقرة ٢ : ٢٨٢.