الردة. وقال ابن عباس والجمهور : (الزَّكاةَ) في هذه الآية : لا إله إلا الله التوحيد كما قال موسى لفرعون : (هَلْ لَكَ إِلى أَنْ تَزَكَّى) [النازعات : ١٨] ويرجح هذا التأويل أن الآية من أول المكي ، وزكاة المال إنما نزلت بالمدينة ، وإنما هذه زكاة القلب والبدن ، أي تطهيره من الشرك والمعاصي ، وقاله مجاهد والربيع. وقال الضحاك ومقاتل : معنى (الزَّكاةَ) هنا : النفقة في الطاعة ، وأعاد الضمير في قوله: (هُمْ كافِرُونَ) توكيدا.
قوله عزوجل :
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (٨) قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْداداً ذلِكَ رَبُّ الْعالَمِينَ (٩) وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ مِنْ فَوْقِها وَبارَكَ فِيها وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَواءً لِلسَّائِلِينَ) (١٠)
ذكر عزوجل حالة الذين آمنوا معادلا بذلك حالة الكافرين المذكورين ليبين الفرق.
وقوله : (غَيْرُ مَمْنُونٍ) قال ابن عباس معناه : غير منقوص. وقالت فرقة معناه : غير مقطوع ، يقال مننت الحبل : إذا قطعته. وقال مجاهد معناه : غير محسوب ، لأن كل محسوب محصور ، فهو معد لأن يمن به ، فيظهر في الآية أنه وصفه بعدم المن والأذى من حيث هو من جهة الله تعالى ، فهو شريف لا من فيه ، وأعطيات البشر هي التي يدخلها المن. وقال السدي : نزلت هذه الآية من المرضى والزمنى ، إذا عجزوا عن إكمال الطاعات كتب لهم من الأجر كأصح ما كانوا يعملون ، ثم أمر تعالى نبيه أن يوقفهم موبخا على كفرهم بخالق الأرض والسماوات ومخترعها ، ووصف صورة خلقها ومدته ، والحكمة في خلقه هذه المخلوقات في مدة ممتدة مع قدرة الله على إيجادها في حين واحد. وهي إظهار القدرة في ذلك حسب شرف الإيجاد أولا أولا. قال قوم : وليعلّم عباده التأني في الأمور والمهل ، وقد تقدم القول غير مرة في نظير قوله : (أَإِنَّكُمْ).
واختلف رواة الحديث في اليوم الذي ابتدأ الله تعالى فيه خلق الأرض ، فروي عن ابن عباس وغيره: أن أول يوم هو الأحد ، وأن الله تعالى خلق فيه وفي الاثنين : الأرض ، ثم خلق الجبال ونحوها يوم الثلاثاء. قال ابن عباس فمن هنا قيل : هو يوم ثقيل. ثم خلق الشجر والثمار والأنهار يوم الأربعاء ، ومن هنا قيل : هو يوم راحة وتفكر في هذه التي خلقت فيه. ثم خلق السماوات وما فيها يوم الخميس ويوم الجمعة ، وفي آخر ساعة من يوم الجمعة : خلق آدم. وقال السدي : وسمي يوم الجمعة لاجتماع المخلوقات فيه وتكاملها ، فهذه رواية فيها أحاديث مشهورة. ولما لم يخلق تعالى في يوم السبت شيئا امتنع فيه بنو إسرائيل عن الشغل. ووقع في كتاب مسلم بن الحجاج : أن أول يوم خلق الله فيه التربة يوم السبت ، ثم رتب المخلوقات على ستة أيام ، وجعل الجمعة عاريا من المخلوقات على ستة أيام إلا من آدم وحده. والظاهر من القصص في طينة آدم أن الجمعة التي خلق فيها آدم قد تقدمتها أيام وجمع كثيرة ، وأن هذه الأيام التي خلق الله فيها هذه