فقال : وإنّه ما كان في الدوحات أحد إلاّ رآه بعينيه وسمعه بأُذنيه.
وهذا الحديث أخرجه مسلم في باب فضائل عليّ من صحيحه (١) من عدّة طرق عن زيد بن أرقم ، لكنّه اختصره فبتره ـ وكذلك يفعلون ـ.
وأخرج الإمام أحمد من حديث البراء بن عازب (٢) من طريقين ، قال : كنّا مع رسول الله ، فنزلنا بغدير خمّ ، فنودي فينا : الصلاة جامعة ، وكُسح لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم تحت شجرتين ، فصلّى الظهر وأخذ بيد عليّ ، فقال : ألستم تعلمون أنّي أوْلى بالمؤمنين من أنفسهم؟! قالوا : بلى. قال : ألستم تعلمون أنّي أوْلى بكلّ مؤمن من نفسه؟! قالوا : بلى. قال : فأخذ بيد عليّ ، فقال : مَن كنت مولاه فعليّ مولاه ، اللّهمّ وال مَن والاه ، وعاد مَن عاداه ..
قال : فلقيه عمر بعد ذلك ، فقال له : هنيئاً يا ابن أبي طالب ، أصبحت وأمسيت مولى كلّ مؤمن ومؤمنة.
وأخرج النسائي عن عائشة بنت سعد (٣) ، قالت : سمعت أبي يقول :
____________
ما ترويه عن نبيّها في حقّه يوم الغدير ، وكأنّه شكّ في صحّة ما ترويه في ذلك ، فقال لزيد حين سمع روايته منه : أسمعته من رسول الله؟! كالمستغرب المتعجّب الحائر المرتاب ، فأجابه زيد بأنّه لم يكن في الدوحات أحد على كثرة مَن كان يومئذ من الخلائق هناك ، إلاّ مَن رآه بعينيه وسمعه بأُذنيه ، فعلم أبو الطفيل حينئذ أنّ الأمر كما قال الكميت :
ويوم الدوح دوح غدير خمّ |
|
أبان له الخلافة لو أُطيعا |
ولكن الرجال تبايعوها |
|
فلم أر مثلها خطراً مبيعا |
ولم أر مثل ذاك اليوم يوماً |
|
ولم أر مثله حقاً أُضيـعا |
(١) ص ٣٢٥ من جزئه الثاني.
(٢) في ص ٢٨١ من الجزء الرابع من مسنده.
(٣) في ص ٤ من خصائصه العلوية ، في باب : ذكر منزلة عليّ من الله عزّ وجلّ ، وفي ص ٢٥ في باب : الترغيب في موالاته والترهيب من معاداته.