أهمّية الولاية وأهمّية هذا المقام التوحيدي ، فإنّ روح العمل وقوامه بالنيّة ؛ قال صلى الله عليه وآله وسلم : «إنّما الأعمال بالنيّات» (١) ، وقال صلى الله عليه وآله وسلم : «نيّة المؤمن خير من عمله» (٢).
وقد روى العسكري عليه السلام ، عن آبائه عليهم السلام ، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، أنّه قال لبعض أصحابه ذات يوم : يا أبا عبدالله! أحبّ في الله وأبغض في الله ، ووالِ في الله وعادِ في الله ؛ فإنّه لا تنال ولاية الله إلاّ بذلك ، ولا يجد رجل طعم الإيمان وإن كثرت صلاته وصيامه حتّى يكون كذلك ، وقد صارت مؤاخاة الناس يومكم هذا أكثرها في الدنيا ، عليها يتوادّون وعليها يتباغضون ، وذلك لا يغني عنهم من الله شيئاً» (٣).
فكما أنّ أهمّية الولاية لا تعني التفريط في العمل والتهاون فيه ، فكذلك صلاح العمل في صورته وقالبه لا يعني التفريط بالولاية والإيمان ، إذ أنّ الولاية لهم عليهم السلام هي توحيد الولاية له تعالى وإخلاص له في التولّي.
ومن ثمّ أكّدت عدّة آيات وروايات على خواء العمل بدونها ، وإنّه هباءً منثوراً ؛ قال تعالى : (مثلُ الّذين كفروا بربّهم أعمالُهم كرمادٍ اشتدّتْ به الريحُ في يومٍ عاصفٍ لا يقدرون ممّا كسبوا على شيءٍ ذلك هو الضلالُ البعيد) (٤) ..
____________
(١) دعائم الإسلام ١ / ١٥٦ ، الهداية ـ للشيخ الصدوق ـ : ٦٢ ، الأمالي ـ للشيخ الطوسي ـ : ٦١٨ ضمن ح ١٢٧٤.
(٢) الكافي ٢ / ٦٩ ح ٢ ، علل الشرائع : ٥٢٤ ح ١.
(٣) تفسير الإمام العسكري عليه السلام : ٤٩ ضمن ح ٢٢ ، عيون أخبار الرضا عليه السلام ١ / ٢٩١ ح ٤١ ، علل الشرائع : ١٤٠ ح ١ ، الأمالي ـ للشيخ الصدوق ـ : ٦١ ح ٢١ ، معاني الأخبار : ٣٧ ضمن ح ٩ و ٣٩٩ ح ٥٨ ، بحار الأنوار ٢٧ / ٥٤ ح ٨.
(٤) سورة إبراهيم ١٤ : ١٨.