ويشير صلى الله عليه وآله وسلم إلى اضطراب الفرقة الثالثة ، وأنّ شعارهم : «لا قتال» ، أي : لا فيصلة بين الحقّ عن الباطل ، ويمزجون المذاهب والمسارات ، مدهدهة البصيرة (١).
وروي ذلك عن أمير المؤمنين عليه السلام ، إلاّ أنّه وصف الفرقة المذبذبة بأنّها شـرّ الفرق ؛ فقال : «إنّ هذه الأُمّـة تفترق على ثلاث وسبعين فرقة ، فرقة واحـدة منها في الجـنّة واثنتان وسبعون في النار ، وشرّها فأبغضها إلى الله وأبعـدها منه السامـرة ، الّذين يقولون : «لا قتال» وكذبوا ، وقد أمر الله عزّ وجلّ بقتال هؤلاء الباغين في كتابه وسنّّة نبيّه ، وكذلك المارقة» (٢).
وروى في كشف الغُمّة أنّ عليّ بن الحسين عليه السلام قال : «قد انتحلت طوائف من هذه الأُمّة ـ بعد مفارقتها أئمّة الدين والشجرة النبوية ـ إخلاص الديانة وأخذوا أنفسهم في ضحائل الرهبانية و ... حتّى إذا طال عليهم الأمد وبعدت عليهم الشقّة وامتحنوا بمحن الصادقين رجعوا على أعقابهم ناكصين ...
وذهب آخرون إلى التقصير في أمرنا ، واحتجّوا بمتشابه القرآن ، فتأوّلوا بآرائهم ، واتّهموا مأثور الخبر ممّا استحسنوا ، يقتحمون في أغمار الشبهات ودياجير الظلمات بغير قبس نور من الكتاب ، ولا أثرة علم من مظانّ العلم ، بتحذير مثبطين زعموا أنّهم على الرشد من غيّهم ..
وإلى مَن يفزع خلف هذه الأُمّة ، وقد درست أعلام الملّة ، ودانت
____________
(١) مناقب عليّ بن أبي طالب ـ لابن مردويه ـ : ١٢٤ ح ١٥٧ ، بحار الأنوار ٢٨ / ٩ ـ ١٠ ح ١٢ و ١٦.
(٢) كتاب سليم بن قيس الكوفي ٢ / ٦٦٣ ضمن ح ١٢.