عليّ في الحجّ الأكبر على رؤوس الأشهاد ، ولم يكتف بنصّ الدار يوم الإنذار بمكّة ، ولا بغيره من النصوص المتوالية ، وقد سمعت بعضها ، فأذّن في الناس قبل الموسم أنّه حاجّ في هذا العام حجّة الوداع ، فوافاه الناس من كلّ فجّ عميق ، وخرج من المدينة بنحو مئة ألف أو يزيدون (١) ..
فلمّا كان يوم الموقف بعرفات نادى في الناس : عليّ منّي ، وأنا من عليّ ، ولا يؤدّي عنّي إلاّ أنا أو عليّ (٢).
ولمّا قفل بمن معه من تلك الألوف وبلغوا وادي خمّ ، وهبط عليه الروح الأمين بآية التبليغ عن ربّ العالمين ، حطّ صلّى الله عليه وآله وسلّم هناك رحله ، حتّى لحقه من تأخّر عنه من الناس ورجع إليه من تقدّمه منهم ، فلمّا اجتمعوا صلّى بهم الفريضة ، ثمّ خطبهم عن الله عزّ وجلّ ، فصدع بالنصّ في ولاية عليّ ، وقد سمعت شذرة من شذوره ، وما لم تسمعه أصحّ وأصرح ، على أنّ في ما سمعته كفاية ..
وقد حمله عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم كلّ مَن كان معه يومئذ من تلك الجماهير ، وكانت تربو على مئة ألف نسمة من بلاد شتّى.
فسُنّة الله عزّ وجلّ التي لا تبديل لها في خلقه تقتضي تواتره ، مهما كانت هناك موانع تمنع من نقله ، على أنّ لأئمّة أهل البيت طرقاً تمثّل
____________
(١) قال السيّد أحمد زيني دحلان في باب حجّة الوداع من كتابه السيرة النبوية : وخرج معه صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ من المدينة ـ تسعون ألفاً ، ويقال مئة ألف وأربعة وعشرون ألفاً ، ويقال أكثر من ذلك. (قال :) وهذه عدّة من خرج معه ، وأمّا الّذين حجّوا معه فأكثر من ذلك ، إلى آخر كلامه ؛ ومنه يعلم أنّ الّذين قفلوا معه كانوا أكثر من مئة ألف ، وكلّهم شهدوا حديث الغدير.
(٢) أوردنا هذا الحديث في المراجعة ٤٨ ، فراجعه تجده الحديث ١٥ ولنا هناك في أصل الكتاب وفي التعليقة عليه كلام يجدر بالباحثين أن يقفوا عليه.