ولكن عندما نلاحظ مناخ الجزيرة العربية آنذاك ، وما تحمله من الطقس الحارّ وارتفاع درجات الحرارة والجفاف الذي كان يسود أجواؤها ، ممّا يعني صعوبة السجود على رمضائها ، حاول كثير من الصحابة إيجاد منفذ للتخلّص من السجود على هذه الأرض الحارّة ، فكان أكثر الصحابة يحتفظون بأشياء مرتبطة بطبيعة الأرض ، فبدؤوا بأخذ الحصى والاحتفاظ به لحين موعد صلاتهم ؛ وذلك لدفع الضرر الحاصل من السجود على الأرض السـاخنة ، لذا أصبحت هي البديـل في سجودهم ، وقد صرّح بذلك كثير من الصحابة ، منهم : جابر بن عبدالله ، وأنس بن مالك ، وغيرهم ..
فقد قال جابر بن عبدالله : «كنت أُصلّي الظهر مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فآخذ قبضة من الحصى ليبرد في كفّي أضعها لجبهتي أسجد عليها لشدّة الحـرّ» (١).
وقال أنس بن مالك : «كنّا نصلّي مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في شدّة الحرّ فيأخذ أحدنا الحصباء في يده ، فإذا برد وضعه وسجد عليه» (٢).
وعن ابن عمر : «مُطرنا من الليل فخرجنا لصلاة الغداة ، فجعل الرجل يمرّ على البطحاء ، فيجعل في ثوبه من الحصباء فيصلّي عليه ...» (٣).
فثبت لنا هنا أنّه يمكن أن نأخذ شيئاً من الأرض شرط الطهارة بديلة لها ، وتكون حاضرة معنا في حلّنا وترحالنا ؛ والكلّ يعلم أنّ الحصى
____________
(١) راجع : مسند أحمد ٣ / ٣٢٧ ، المستدرك على الصحيحين ١ / ٣٠٩ ح ٧٠١ ؛ وقال الحاكم : هذا حديث صحيح على شرط مسلم ، وأقرّه الذهبي في التلخيص ، السُـنن الكبرى ٢ / ١٠٥ ؛ وفيه : قال الشيخ : ولو جاز السجود على ثوب متّصل به لكان ذلك أسهل من تبريد الحصى في الكفّ ، ووضعها للسجود عليها.
(٢) السُـنن الكبرى ٢ / ١٠٦.
(٣) السُـنن الكبرى ٢ / ٤٤٠.