ما يتعلّق منه بالعقائد وأُصول الدين من التوحيد والنبوّة ، فإن كان ممّا يطابق البراهين القطعية والأدلّة العقلية والضرورية يُعمل به ، ولا حاجة إلى البحث عن صحّة سنده وعدم صحّته ، وهذا مقام ما يقال أنّ بعض الأحاديث متونها تصحّح أسانيدها ، وإنْ كان ممّا لم يشهد له البرهان ، ولم تؤيّده الضرورة ، ولكنّه في حيّز الإمكان ينظر.
فإن كان الخبر صحيح السند صحّ الالتزام به على ظاهره ، وإلاّ فإن أمكن صرفه عن ظاهره وتأويله بالحمل على المعاني المعقولة ؛ تعيّن تأويله ، وإن لم يمكن تأويله وكان مضمونه منافياً للوجدان ، صادماً للضرورة ، فمع صـحّة سنده لا يجوز العمل به ؛ لخلل في متنه ، بل يردّ علمه إلى أهله ..
وإنْ كان غير صحيح السند يُضرب به الجدار ، ووجب إسقاطه من جمهرة الأخبار.
إذا تمهّدت هذه المقدّمة ، فنقول في الأخبار الواردة في الأرض والحوت والثور ، وكذا ما ورد في الرعد والبرق ، ونحوها من أنّ البرق مخارق الملائكة ، والرعـد زجـرها للسحاب كما يزجـر الراعي إبله أو غنمه ، وأمثال ذلك ممّا هو بظاهره خلاف القطع والوجدان ، فإنّ الأرض تحملها مياه البحار المحيطة بها ، وقد سبروها (١) وسيّروها ، وساروا حولها ، فلم يجدوا حوتاً ولا ثوراً ، وعرفوا حقيقة البرق والرعد ، والصواعق والزلازل بأسباب طبيعية قد تكون محسوسة وملموسة وتكاد تضع إصبعك عليها.
____________
(١) سبر الشيء سبراً : حزره وخبره ، لسان العرب ٦ / ١٥٠ مادة «سبر».