وذكر غيره ـ على ما يخطر ببالي ـ أنّ بعض المتحدّثين قال في آخر عمره : إنّي وضعت في رواياتكم خمسين ألف حديث في فضل قراءة القرآن ، وخواصّ السور والآيات فقيل له : تبوّء إذاً مقعدك من النار ؛ فقد ورد عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال : «من كذب علَيَّ فليتبوّء مقعده من النار» (١) ، فقال : ما كذبت عليه بل كذبت له (٢).
ولم يعرف هذا الشقي أنّ الكذب له عنه كذب عليه ، وهذا قليل من كثير ممّا ورد في هذا الباب.
وهنا ملحوضة أُخرى غير خفيّة ، وهي : إنّ الكثير ممّن دخلوا الإسلام لم يدخلوه رغبة فيه ، واعتقاداً بصحّـته ، وما دخلوه إلاّ للكيد فيه ، وهدم مبانـيه ، والعـدوّ الداخلي أقدر على الإضرار من العـدوّ الخارجي ، فدسّوا في الأحاديث أخباراً واهية تشوّه صورة وجه الإسلام الجميلة ، ودعوته المقبولة ، وتحطّ من كرامته ، وتلفّ من منشور رايته التي خفقت على الخافقين.
وهذا باب واسع يحتاج إلى فصل بيان لا مجال له هنا ، وإنّما الغرض هل يبقى وثوق بعد هذا بصدد هذه الأخبار من أئمّتنا المعصومين الّذين هم تراجمة الوحي ، ومجسّمة العقول ، والمُثل العليا (٣)؟!
____________
(١) مرّت تخريجاته في ص ٣٦٧.
(٢) التذكار ـ للقرطبي ـ : ١٥٥.
(٣) قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في خطبة له بعد نزول : (إنّما وليّكم الله ...) .. الآية : «اتّقوا الله أيُّها الناس حقّ تُقاته ، ولا تموتنّ إلاّ وأنتم مسلمون ، واعلموا أنّ الله بكلّ شيء محيط ، وأنّه سيكون من بعدي أقوام يكذبون علَيَّ فيُقبل منهم ، ومعاذ الله أن أقول على الله إلاّ الحقّ ، أو أنطق بأمره إلاّ الصدق ، وما آمركم إلاّ بما أمرني به ،