وله الأُخوّة والخلافة ؛ ويشهد لذلك ما روي أنّه : لمّا تحاكم عليّ والعبّـاس عليهما السلام إلى أبي بكر في ميراث النبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم فقال العبّـاس : فبماذا أوجـبتم وراثة النـبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم لعليّ عليه السلام وأنا عمّ النبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم وهو ابن عمّه؟
فقال أبو بكر : على الخبير هجمتم ، تذكر يا عبّـاس يوم كنّا في شعب أبي طالب أربعين رجلاً ، لم يكن فيكم من غيركم غيري ، فقال رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم : «إنّه لم يكن نبيّ قبلي إلاّ كان له وصيّ
____________
بالجلوس فجلس.
وبعد أن كرّرها الرسول صلى الله عليه وآله ثلاثاً لم يجبه أحد ، إلاّ عليّ عليه السلام ، فالتفت إليهم قائلاً : «إنّ هذا أخي ووصييّ وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا».
فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب : قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع ، وجعله عليك أميراً.
هذا هو سردٌ إجمالي لهذه الواقعة ، فإذا تدبّرنا فيها نجدها أوّل موقف رسالي في الاِسلام طرح رسول الله صلى الله عليه وآله فيه عليّاً خليفةً ووصيّاً له من بعده بقوّة.
لا يقال : إنّ هذا يدلّ على إثبات خلافته عليه السلام على عشيرة رسول الله صلى الله عليه وآله.
لأنّا نقول : من المسلّم أنّ عشيرة رسول الله صلى الله عليه وآله من أشرف وأفضل القبائل حسباً ونسباً في داخل مكّة وخارجها ، فإذا ارتضى الرسول صلى الله عليه وآله لعليّ أن يكون خليفته على عشيرته ، فمن طريق أوْلى يرتضيه خليفة ووصيّاً وإماماً على المسلمين كافّة بعده.
إذاً ما جرى تبعاً لهذه الآية الكريمة يعدّ من الأدلّة الواضحة والصريحة في إثبات الوصية والاِمامة لعليّ عليه السلام بعد رسول الله صلى الله عليه وآله بلا فصل.
ومَن أراد الوقوف على تفصيل هذه الواقعة فليراجع هذه المصادر : علل الشرائع : ١٧٠ ح ٢ باب ١٣٣ ، إعلام الورى ١ / ٣٢٢ ، المناقب ـ للكوفي ـ ١ / ٣٧٠ ح ٢٩٤ ، مسند أحمد ١ / ١١١ وص ١٥٩ ، الخصائص ـ للنسائي ـ : ٨٣ ح ٦٦ ، تاريخ الطبري ٢ / ٣٢٠ ـ ٣٢١ ، شواهد التنزيل ١ / ٣٧١ ح ٥١٤ وص ٤٢٠ ح ٥٨٠ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٤٦ ـ ٥٠ ، المناقب ـ لابن شهرآشوب ـ ٢ / ٣١ ، كفاية الطالب : ٢٠٤ ـ ٢٠٧ ، البداية والنهاية ٣ / ٣٩ ـ ٤٠ ، تفسير ابن كثير ٣ / ٣٦٣ ـ ٣٦٤.