الأُخرى لا تتّفق ; لأنّ التزيين ليس من مهامّ الرجال ، بل هو من مهمّة النساء فقط ، وهو يكون ـ حسبما عرفت ـ بعد حصول الموافقة على التزويج ، وبعد وقوع العقد ، لا مع الكراهية ، وقبل العقد ، على أنّها لو كانت صبية لا يُرغب في مثلها فلا معنى لتزيينها وإرسالها لمَن يرغب في نكاحها مزيّنة ، ناهيك عن أنّ الكشف عن ساق الصبية يدلّ على انحطاط فاعله بلا ريب.
فأسالك بالله : هل تقبل نفسك مثل هذا التصرّف ـ أي الكشف عن الساق والتقبيل والضمّ إلى الصدر قبل العقد والزواج ـ من شيخ في السابعة والخمسين من عمره أو التاسعة والخمسين مع صبية في السابعة من العمر «لم تبلغ بعد» بهذا الشكل المزري ، وخصوصاً لو عرفنا بأنّ هذا الرجل كانت له زوجة ، بل زوجات (١) ، وهو بمنزلة جدّ هذه الصبية؟!
فعمر هو أبو حفصة ، وحفصة زوجة رسول الله ، فيكون هو والِدُ زوجة جدّ هذه الصبية ، وهو رسول الله محمّد المصطفى صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله الطيّبين الطاهرين.
فنحن لو قبلنا هذه النصوص وأردنا الاستدلال بها على التزويج للزمنا قبول تواليه الفاسدة ، وإن لم نقبلها انتفى التزويج والاستدلال به.
ولنا أن نتأمّل في ما نسب إلى الإمام علي (عليه السلام) في تلك النصوص
____________
(١) مثل : زينب بنت مظعون الجُمحية ، وأُمّ حكيم بنت الحارث بن هشام المخزومية ، التي تزوّجها بعد استشهاد خالد بن سعيد بن العاص بموقعة مرج الصفر ببلاد الشام ، وفاطمة بنت الوليد بن المغيرة ، التي تزوّجها بعد وفاة زوجها بطاعون عمواس ، وجميلة بنت ثابت الأنصارية ، وقد ذكر عبد السلام آل عيسى في كتابه : دراسة نقدية ١ / ٢٢٣ ـ ٢٤١ أسماء ١٤ امرأة تزوّجها عمر ، وأسماء بعض اللواتي ردَدْنَ خطبة عمر لهنّ.