فقال أبو بكرة بعد أن ضُرِبَ : أشهد أنّ المغيرة فَعَلَ كذا وكذا ، فهمَّ عمر أن يضربه حدّاً ثانياً ، فقال له عليّ بن أبي طالب : إن ضربته فارجم صاحبك. فتركه.
واستتاب عمر أبا بكرة ، فقال : إنّما تستتيبني لتُقبل شهادتي؟
فقال : أجل.
فقال : لا أشهد بين اثنين ما بقيت في الدنيا.
فلمّا ضُربوا الحدّ قال المغيرة : الله أكبر ، الحمدُ لله الذي أخزاكم.
فقال عمر : بل أخزى الله مكاناً رأوك فيه.
وأخرج عمر بن شبة في كتاب أخبار البصرة : أنّ أبا بكرة لمّا جُلِد ، أمرت أُمُّه بشاة فذبحت وجعلت جلدها على ظهره ، فكان يقال : إن ذاك إلاّ من ضرب شديد.
وحكى عبد الرحمن ابن أبي بكرة : أنّ أباه حلف أن لا يكلّم زياداً ما عاش ، فلمّا مات أبو بكرة كان قد أوصى أن لا يصلّي عليه زياد ، وأن يصلّي عليه أبو برزة الأسلمي ، وكان النبيّ آخى بينهما ، وبلغ ذلك زياداً ، فخرج إلى الكوفة ، وحفظ المغيرة بن شعبة ذلك لزياد وشكره.
ثمّ إنّ أُمّ جميل وافقت عمر بن الخطّاب بالموسم ، والمغيرة هناك ، فقال له عمر [معرّضاً به] : أتعرف هذه المرأة يا مغيرة؟
قال : نعم ، هذه أُمّ كلثوم بنت عليّ. [معرّضاً بعمر لتفكيره بها وإصراره على الزواج منها].
فقال عمر : أتتجاهل عَلَيَّ؟! والله ما أظنّ أبا بكرة كذب عليك ، وما رأيتكَ إلاّ خفت أن أُرمى بحجارة من السماء (١).
____________
(١) شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ـ ١٢ / ٢٣٨ ، وفيات الأعيان ٦ / ٣٦٤