«لو نزل من السماء إلى الأرض عذاب ما نجا منه إلاّ عمر»!! لأنّه كان قد أشار بقتلهم ، ممّا يدلّ على أنّه كان بالاجتهاد لا بالوحي.
وكذا قوله تعالى : (عفا الله عنك لم أذِنْت لهم)!!
وكذا غيره من الأنبياء ; كقوله تعالى : (وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث) (١) ، وقوله تعالى : (ففهّمناها سليمان وكلاًّ آتينا حكماً وعلماً).
وما يذكر بالتفهيم إنّما يكون بالاجتهاد لا بطريق الوحي.
وما روي عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال في مكّة : «لا يُختلا خلاها ، ولا يُعضد شجرها». فقال العبّاس : إلاّ الأذْخِر. فقال (صلى الله عليه وآله وسلم) : «إلاّ الأذْخِر» ; ومعلوم أنّ الوحي لم ينزل عليه في تلك الحالة ، فكان الاستثناء بالاجتهاد.
وما روي أنّه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : «العلماء ورثة الأنبياء» ; ولو لم يكن الاجتهاد لديه لَما كان العلماء ورثوا عنه.
وبقوله (صلى الله عليه وآله وسلم) في القضاء : «إنّكم لتختصمون إليّ ، ولعلّ بعضكم ألحن بحجّته من بعض» (٢).
وقال الآمدي أيضاً ضمن عنوان : المسألة الحادية عشرة :
القائلون بجواز الاجتهاد للنبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) اختلفوا في جواز الخطأ عليه في اجتهاده ; فذهب بعض أصحابنا إلى المنع من ذلك ..
وذهب أكثر أصحابنا ، والحنابلة ، وأصحاب الحديث ، والجبّائي ، وجماعة المعتزلة ، إلى جوازه ، لكن بشرط أن لا يقرّ عليه ..
وهو المختار ; ودليله المنقول والمعقول ـ ثمّ استدلّ بقوله تعالى :
____________
(١) سورة الأنبياء ٢١ : ٧٨.
(٢) الإحكام في أُصول الأحكام ـ للآمدي ـ ٤ / ٣٩٨ ـ ٤٠٠.