ولدك ، فمَن قضى بهذه القضية فأصاب فهو وصيّك من بعدك. وكان تعالى قد أطلع داود بالنسخ ، كما أنّه تعالى أوحى إلى سليمان بالحكم الناسخ ، وهو : أنّ لصاحب الحرث ما خرج من بطون الغنم ، وهو خلاف الحكم المنسوخ الذي حكم به علماء بني إسرائيل في ذلك المجلس ..
ففي الرواية عن الباقر والصادق (عليهما السلام) : «إنّ داود قال لسليمان : فكيف لم تقضِ برقاب الغنم ، وقد قوّم ذلك علماء بني إسرائيل فكان ثمن الكرم قيمة الغنم؟!
فقال سليمان : إنّ الكرم لم يُجتثّ من أصله وإنّما أُكِل حمله ، وهو عائد في قابل» (١).
وقد جرت السنّة بعد سليمان بحكمه.
ويشير قوله تعالى : (وكلاًّ آتيناه حكماً وعلماً) إلى كلّ من : الحكم المنسوخ لدى داود (عليه السلام) من قبل ، والحكم الناسخ لدى سليمان ، والذي أطلعه تعالى داود أيضاً.
ورغم هذا كلّه ; فإنّ الله تعالى قد وصف ـ في الآية اللاحقة ـ كلاًّ من الحُكمين والعِلمين لداود وسليمان أنّهما : إيتائي ، لا كسبي بجَوَلان الفكر ، والتعبير بـ : «فهّمْناها» أيضاً أسند الفاعلية إليه تعالى ، لا إلى سليمان نفسه.
المشورة من صاحب الوحي :
عاشراً : ما استدلّوا به من أمره تعالى : (وشاورهم في الأمر) ، وأنّه (صلى الله عليه وآله وسلم) شاور أصحابه في كثير من الأُمور التي تتعلّق بالدين ، من أمر
____________
(١) لاحظ : تفسـير البرهان ، ونـور الثقلين ، في ذيل الآية ٧٩ من سورة الأنبياء ; في ما أخرجاه من أُصول الكافي ، وغيره من الأحاديث.