قال الوزير : أن تترك هذا الأمر.
انتهى الحوار بين الملك ووزيره الحكيم العالم (١) ، ولكن الملك بات تلك الليلة متفكرا قلقا ، ولم ينم إلى الصباح ، فكيف يستعصي عليه هذا الأمر المهم.
وفي الصباح الباكر دعا نظام الملك وقال له :
حسنا ، نستدعي علماء الطرفين ، ونرى نحن من خلال المحادثات والمناقشات التي تدور بينهما أن الحق مع أيهما ؛ فإذا كان الحق مع مذهب السنة ، دعونا الشيعة بالحكمة والموعظة الحسنة ، ورغّبناهم بالمال والجاه ، كما كان يفعل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم مع المؤلفة قلوبهم(٢) ..
____________________________________
(١) فبقرينة «الحكيم العالم» يعرف أن الملك الشاب كان متسرّعا بحكمه بقتل الشيعة في بغداد أو من كان تحت سيطرة الملك ؛ والتسرّع سكرة الشباب.
(٢) «المؤلفة قلوبهم» قوم يراد تأليف قلوبهم ، وجمعها على الإسلام لدفع شرها ، أو ليستعين بهم المسلمون في الدفاع عنهم وعن مبادي الدين الحنيف ، فيعطى هؤلاء من الزكاة المفروضة بنص الكتاب المجيد لقوله تعالى : (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ وَالْعامِلِينَ عَلَيْها وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقابِ وَالْغارِمِينَ) (سورة التوبة : ٦٠).
ويوجد خلاف بين الفقهاء ، على لفظ «المؤلفة» في باب الزكاة : هل هم قوم أظهروا الإسلام على شك منه أم خاص بمن لم يظهر الإسلام؟
المشهور قال بالتعميم ، بمعنى : أن لفظ المؤلفة قلوبهم يشمل الكفّار وضعاف العقول من المسلمين.
__________________
(١) سورة التوبة : ٦٠.