* الطريق الأول : ويتمثّل بالأدلة العقلية.
* الطريق الثاني : ويتمثّل بالأدلة النقليّة.
أما الأدلة العقلية فمفادها :
أولا :
إنّ الإمامة واجبة عقلا بمقتضى قاعدة اللطف التي هي عبارة عمّا يقرّب العبد إلى الطاعة ويبعّده عن المعصية من باب الرحمة والكمال المطلق لله تعالى ، وهي تماما كالنبوّة : لطف منه تعالى بعباده حيث يرسل إليهم الرسل ليرشدوهم إلى منافعهم ومصالحهم ويبعّدوهم عن المضارّ في الدنيا والآخرة ، لأنّ العقل محدود في تفكيره فلا يكفي إرشادهم إلى ما ينفعهم وما يضرّهم ؛ كما أنّ التجريبيّات الحاصلة للبشر طوال التاريخ لم تكن وافية بذلك. هذا مضافا إلى أن حاجات الإنسان لا تنحصر بالعالم المادي المشهود ، وأنّ ما وراءه لا يكشف عادة بالعقل ولا يكون في حيطة الحسّ والتجربة ، والوجدان غير كاف للكشف عمّا وراء الطبيعة بشكل تفصيليّ ، لأنّ الكشف عن الأمور التفصيلية عما وراء الطبيعة بحاجة إلى عوامل مساعدة تحيط بذاك العالم ، وهذا لا يكون إلا بواسطة الأنبياء والأولياء والرسل ، ولو أهمل سبحانه الإنسان مع ما له من العقل والوجدان ولم يرسل لهم الأنبياء والأولياء لكان لهم العذر والحجّة على الله تعالى لعدم تمكّنهم من نيل السعادة بدون وساطة الأنبياء ، ولكنّ إرسال الرسل يقطع عذرهم وتكون الحجّة عليهم آكد ، وذلك لقوله تعالى :
(رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً) (١).
إذن فائدة بعثة الأنبياء والأولياء إرشاد العباد إلى الخير والصّلاح وإبعادهم عن الشرّ والفساد. وهناك فوائد أخر لبعثتهم وهي تزكية النفوس البشرية المركّبة من
__________________
(١) سورة النساء ، آية : ١٦٥.