«إن رتبة الإمامة قريب من رتبة النبوّة إلّا أنّ النبي مؤسس للتكاليف والأحكام الشرعية بمعنى أنه جاء بالشريعة والأحكام والأوامر والنواهي من جانبه ابتداءً والإمام يحفظها ويبقيها بعنوان النيابة عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم (١).
«فالإمام هو الرابط بين الناس وبين ربّهم في إعطاء الفيوضات الباطنية وأخذها كما أنّ النبي رابط بين الناس وبين ربّهم في أخذ الفيوضات الظاهرية وهي الشرائع الإلهية تنزل بالوحي وتنتشر منه وبتوسّطه إلى الناس وفيهم ، والإمام دليل هاد للنفوس إلى مقاماتها كما أن النبيّ دليل يهدي إلى الاعتقادات الحقّة والأعمال الصالحة» (٢).
ولا يخفى أنّ ما ذكره العلّامة الطباطبائي قدّس سره في تعريف وظائف الإمام وأنها باطنية لا يناقض وظائفه الظاهرية التي كانت من مختصّات النبي إذ لا فرق بين النبي والإمام إلا في تلقّي الوحي.
ثانيا :
يجب أن يكون الإمام «الذي ثبتت حاجة الناس إليه» معصوما عن الخطأ وبما أنّ غير الأئمة عليهمالسلام ليسوا معصومين إجماعا فتعيّنت العصمة لهم وإلّا لزم خلوّ الزمان من المعصوم وهو مستحيل لما تقدّم من فائدة بعثة الأنبياء والأولياء وأنها لطف ، وكون وجود الإمام لطفا من وجوه :
أحدها : إنّ الإمام يحفظ الشرائع ويحرسها من الزيادة والنقصان.
ثانيها : إنّ اعتقاد المكلّفين بوجود الإمام وتجويز إنفاذ حكمه عليهم في كل وقت سبب لردعهم عن الفساد ولقربهم من الصلاح وهذا معلوم بالضرورة.
ثالثها : إنّ تصرّفه لا شك أنه لطف وذلك لا يتم إلا بوجوده فيكون وجوده بنفسه لطفا ، وتصرّفه يعدّ لطفا آخرا.
__________________
(١) أنيس الموحّدين ، ص ١٢٧.
(٢) تفسير الميزان ج ١٤ / ٣٠٤ ، ط / مؤسسة الأعلمي.