فإذا كان اسم الصحبة يقع بين المؤمن والكافر وبين العاقل وبين البهيمة ، وبين الحيوان والجماد فأي حجة لأصحابنا الأشاعرة الذين يتفاخرون بصحبة أبي بكر وعمر وغيرهما للنبيصلىاللهعليهوآلهوسلم؟
وأما المعنى الاصطلاحي للصحبة :
فقد عرّفها ابن حجر العسقلاني بقوله :
«الصحابي من لقي النبي مؤمنا به ، ومات على الإسلام ، فيدخل فيمن لقيه من طالت مجالسته له أو قصرت ، ومن روى عنه أو لو يرو ، ومن غزا معه أو لم يغز ، ومن رآه ولو لم يجالسه ، ومن لم يره لعارض كالعمى» (١).
والتدبر في تعريف ابن حجر «للصحابي» يتمخض عنه :
أولا : إنّ الالتقاء بالنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم يوجب شرف الصحبة حتى لو كان الملاقي طفلا رضيعا ، لأن المشاهدة لا تنسب له إنما تنسب للنبيّ محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ويصدق على الطفل أنّه لاقى النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم.
ثانيا : الإيمان بالنبيّ أنه نبي حقيقة ، وهذا لو أخذنا به بحسب تعريف ابن حجر لزم علينا أن نتأكد من حقيقة هذا الإيمان ، وهذا أمر خارج عن قدرة البشر ، وكان الأجدر لابن حجر أن يعرّفه هكذا :
«... مؤمنا به أو متظاهرا بالإيمان به» لأنّ كثيرا من الصحابة آمنوا بالنبي بألسنتهم دون قلوبهم ، ويلزم على تعريف ابن حجر أن يقال :
إن كل أهل المدينة يوم ذاك يعدّون من صحابة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم مع وجود المؤمن والمنافق فيها لقوله تعالى : (وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفاقِ) (٢).
من هنا وقع الخلاف بين أتباع أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام وأتباع
__________________
(١) الإصابة ج ١ / ١٠ مقدمة الإصابة الفصل الأول.
(٢) سورة التوبة : آية ١٠١.