وقد احتج المخالفون على الشيعة بآية المبايعة تحت الشجرة ، مستدلين بذلك على أن الآية دليل على أن كلّ الذين بايعوه صلىاللهعليهوآلهوسلم تحت الشجرة عدول ، يحرّم القدح فيهم ، لأن الله سبحانه رضي عنهم ، قال تعالى (لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ) ، وجعلوا الآية فضيلة للخليفتين أبي بكر بن أبي قحافة وعمر بن الخطّاب لأنهما بايعاه صلىاللهعليهوآلهوسلم تحت الشجرة.
لكن يرد على هذا ما يلي :
أولا : إنّ المبايعة ليست دليلا على الخلافة ، لأنه ـ وكما ذكر البيضاوي في تفسيره ـ «أنّ عدد المبايعين تحت الشجرة كانوا زهاء ألف وثلاثمائة أو أربعمائة أو خمسمائة مبايع» (١) ، فيهم النساء ، فلو كانت المبايعة دليلا على الخلافة للزم كون كل هؤلاء الذين بايعوه خلفاء وهو واضح البطلان.
ثانيا : إنّ الله سبحانه يذكر في نفس السورة (إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللهَ يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً)(٢).
هنا أشار عزوجل إلى أن الذين بايعوه تحت الشجرة لم يكونوا جميعهم أوفياء على المبايعة بل إن بعضهم أو أكثرهم سوف ينكث العهد.
فقد أورد البخاري في باب غزوة الحديبية من كتاب المغازي ، عن أحمد بن إشكاب ، حدّثنا محمد بن الفضل عن العلاء بن المسيّب عن أبيه قال :
لقيت البراء بن عازب ، فقلت له : طوبى لك صحبت النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وبايعته تحت الشجرة!
فقال : يا بن أخي إنك لا تدري ما أحدثنا بعده (٣).
__________________
(١) تفسير البيضاوي ج ٢ / ٤١٠.
(٢) سورة الفتح : آية ١٠.
(٣) صحيح البخاري ج ٥ / ٧٩.