أما بيان الأمر الأول
فقد اتفق المؤرخون على أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قد أمر بتجهيز جيش أسامة فقال :
«جهّزوا جيش أسامة ، لعن الله من تخلّف عنه».
فقال قوم : يجب علينا امتثال أمره ، وأسامة قد برز من المدينة ، وقال قوم : قد اشتد مرض النبي فلا تسع قلوبنا مفارقته (١).
ولم يكتفوا بمخالفتهم لأمر النبي حتى طعنوا بإمارة أسامة مدّعين حداثة سنّة في مقابل مشيختهم العاجية ؛ فروى ابن عبّاس فقال :
كان النبي قد ضرب بعث أسامة فلم يستتبّ لوجع رسول الله ولخلع مسيلمة والأسود وقد أكثر المنافقون في تأمير أسامة حتى بلغه فخرج النبي على الناس عاصبا رأسه من الصداع فقال :
«وقد بلغني أنّ أقواما يقولون في إمارة أسامة ولعمري لئن قالوا في إمارته لقد قالوا في إمارة أبيه من قبله وإن كان أبوه لخليقا للإمارة وإنه لخليق لها فأنفذوا جيش أسامة ..» (٢).
وروى مثل هذا ابن الأثير فقال :
«... وأمر بإنفاذ جيش أسامة وقال : لعن الله الذين اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» (٣).
إلفات نظر : مما لا ريب فيه إن عبارة ابن الأثير تحريف لقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : لعن الله من تخلّف عن جيش أسامة.
إذن لقد طعن القوم بإمارة الفتى الصغير.
__________________
(١) الملل والنحل للشهرستاني ج ١ / ٢٣.
(٢) تاريخ الطبري ج ٢ / ٤٣١ حوادث سنة ١١.
(٣) تاريخ ابن الأثير ج ٢ / ٣١٨ والطبري ج ٢ / ٤٣١.