وأما بيان الأمر الثاني
فإنّ القوم لمّا لم يمتثلوا أمر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في إنفاذ جيش أسامة ، أراد أن يدبّر أمرا آخر عسى أن يكون أنجع وحجة على القوم ، وأمرهم بإحضار دواة وكتف ليكتب لهم كتابا لا يضلون من بعده أبدا ، فنسب عمر بن الخطّاب إلى النبيّ الهجر ، وقد رواها العامة في مصادرهم ، لكنّهم بدّلوا في بعضها عبارة «النبي ليهجر» ب «غلبة الوجع».
فعن عبد الله بن عبّاس قال : لمّا اشتدّ بالنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم مرضه الذي مات فيه ، قال :
ائتوني بدواة وقرطاس أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعدي فقال عمر : إنّ رسول الله قد غلبه الوجع ، حسبنا كتاب الله. وكثر اللغط ، فقال النبي : قوموا عني لا ينبغي عندي التنازع ؛ قال ابن عبّاس :
الرزية كلّ الرّزية ما حال بيننا وبين كتاب رسول الله (١).
وفي رواية سعيد بن جبير قال :
قال ابن عباس : يوم الخميس وما يوم الخميس ، اشتد برسول الله وجعه فقال : ائتوني أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا فتنازعوا ولا ينبغي عند نبي تنازع.
فقالوا : ما شأنه أهجر؟
استفهموه! فذهبوا يردّون عليه ، فقال :
دعوني فالذي أنا فيه خير مما تدعوني إليه (٢).
وعن ابن عبّاس قال :
__________________
(١) الملل والنحل للشهرستاني ج ١ / ٢٢ وصحيح البخاري ج ٥ / ١٦٢ ح ٤٤٣٢.
(٢) صحيح البخاري ج ٥ / ١٦١ ح ٤٤٣١ ، باب مرض النبي.