رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم على ذلك وقرّبه بدلا من أن يغضب عليه ويقول لهم : قوموا عنّي ، لا ينبغي عندي التنازع.
ولما ذا لم يتهموه بالهجر عند ما طردهم من الحجرة؟ ألأنهم نجحوا بمخططهم في منع الرسول من الكتابة ، فلا داعي بعد ذلك لبقائهم.
أنسي أو تناسى عمر وتبعه النووي أنّ النبيّ لا ينطق عن الهوى إن هو إلّا وحي يوحى ، حتى ولو كان على فراش الموت ، فلا يؤثّر فيه المرض كما اتهمه عمر ، أيحق له أن يعترض على رسول الله والله يقول :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ) (١).
ولقد تعدّى عمر وأصحابه حدود رفع الأصوات والجهر بالقول إلى رميه بالهجر والهذيان.
ولعمري فلقد كان عمر ومن جرى على منواله أحقّ بالهذيان والهجر ، والخبل ، من أن يتّهم به سيد العالمين رسول الرحمة محمد بن عبد الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وهو خصمه على الحوض ، وسيعلم الذين ظلموا رسول الله وآل بيته أيّ منقلب ينقلبون.
كما إنّا لنا ملاحظات أخر على مقالة عمر بن الخطاب هي كما يلي :
أولا :
إن نسبة الهجر إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إساءة أدب معه بل كفر بمقامه ، لأنّ الهجر يعني الهذيان وهو ممتنع عقلا على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في صحته ومرضه ، لأن من جاز عليه الهجر ولم يؤمن عليه الهذيان والخطأ ، أمكن التشكيك في أقواله وأفعاله ، فلا يكونان حجة وهو مناف لمنزلة النبوة ومناف لفائدة البعثة لاستلزامه التنفير عن قبول الأحكام.
__________________
(١) سورة الحجرات : ٢.