كانت عند ابنته حفصة ، وفي أيام توحيد المصاحف استعارها عثمان منها ليقابل بها النسخ ، ثم ردّها إليها (١).
الثانية :
حينما جمع في عهد عثمان حيث صيّر السور الطوال مع الطوال والقصار مع القصار ، وكتب في جمع المصاحف من الآفاق حتى جمعت ثم سلقها بالماء الحار والخل وقيل أحرقها فلم يبق مصحف حتى فعل به ذلك خلا مصحف ابن مسعود ، قال أنس بن مالك :
فأرسل ـ عثمان ـ إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا ، وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق (٢).
من هنا رفض ابن مسعود أن يسلّم مصحفه لمن يحرقه أو يمزقه ، وظل محتفظا به في صرامة بالغة أدت إلى مشاجرة عنيفة جرت بينه وبين عثمان كان فيها إبعاده عن عمله وأخيرا حتفه نتيجة ضرب عثمان له وكسر أضلاعه وإخراجه من المسجد بصورة مزرية.
روى الواقدي بإسناده : أن ابن مسعود لمّا استقدم المدينة دخلها ليلا ، وكانت ليلة جمعة ، فلمّا علم عثمان بدخوله ، قال : أيّها الناس قد طرقكم الليلة دويبة ، من يمشي على طعامه يقيء ويسلح ، وقال ابن مسعود : لست كذلك ، ولكنني صاحب رسول الله يوم بدر وصاحبه يوم أحد ، وصاحبه يوم بيعة الرضوان ، وصاحبه يوم الخندق وصاحبه يوم حنين .. وصاحت عائشة : يا عثمان! أتقول هذا لصاحب رسول الله؟
فقال عثمان : اسكتي.
__________________
(١) القسطلاني بشرح البخاري ج ٧ / ٤٤٩.
(٢) صحيح البخاري ج ٦ / ٤١٦ ح ٤٩٨٧.