مكانا ولا شخصا خاصا ، فهي تجري كما يجري الشمس والقمر ، وهذا هو المقصود من التأويل في قوله عليهالسلام : ولقد جئتهم بالكتاب مشتملا على التنزيل والتأويل (١).
فالتنزيل هو المناسبة الوقتية التي استدعت النزول والتأويل هو بيان المجرى العام.
كان مصحف مولانا عليّ عليهالسلام مشتملا على كل هذه الدقائق أخذها من رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم مضافا إلى ما حباه به الله سبحانه من العلم والفهم والحكم. قال عليهالسلام :
ما نزلت آية على رسول الله إلّا أقرأنيها وأملاها عليّ فأكتبها بخطي ، وعلّمني تأويلها وتفسيرها وناسخها ومنسوخها ومحكمها ومتشابهها ، ودعا الله لي أن يعلّمني فهمها وحفظها ، فما نسيت آية من كتاب الله ولا علما أملاه عليّ فكتبته ..» (٢).
وهكذا بقي مع الإمام عليّ عليهالسلام مصحفه يتوارثه أوصياؤه الأئمة من بعده ، وهو الآن مع الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه الشريف ، فعند قيامه «يظهره للناس وتجري السنّة عليه» (٣).
وليس المهم إثبات أن القرآن جمع على عهد النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أم كان بعده وإنما المهم إثبات أن ما بين الدفتين قرآن وأنه لم يحرّف ، وقد عدّ الشيعة عدم تحريف الكتاب من الضروريات ولا يعتد بقول من ذهب إلى وجود نقص أو زيادة في الآيات لأنها أقوال شاذة لا يعوّل عليها ، وليست هذه الآراء مما تفردت به بعض الإمامية بل سبقهم إلى ذلك جماعة من حشوية العامة وفقهائها. والتحريف بمعناه
__________________
(١) آلاء الرحمن ج ١ / ٢٥٧.
(٢) تفسير البرهان ج ١ / ١٦.
(٣) بحار الأنوار ج ٨٩ / ٤٣.