ليت شعري : كيف تنعقد الإمامة ـ حسبما ادّعاه القوم ـ بواحد من أهل الحل والعقد ، ولا تنعقد لمولانا أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام الذي تصافق على بيعته يوم الغدير مائة وعشرون ألف مسلم وعلى طليعتهم النبي الكريم محمد وثلة من الصحابة منهم أبو بكر وعمر بن الخطّاب؟!!
وما ذهبوا إليه ما هو إلا تبريرا لما حصل في تلك الآونة الزمنية حيث إن البيعة انعقدت لأبي بكر بواسطة عمر بن الخطّاب ، لذا قال القرطبي المتوفى عام ٦٧١ ه :
«فإن عقدها واحد من أهل الحلّ والعقد ، فذلك ثابت ، ويلزم الغير فعله ، خلافا لبعض الناس ، حيث قال : لا تنعقد إلا بجماعة من أهل الحل والعقد ، ودليلنا : أن عمر عقد البيعة لأبي بكر ، ولم ينكر أحد من الصحابة ذلك ، ولأنه عقد ، فوجب أن لا يفتقر إلى عدد يعقدونه كسائر العقود» (١).
ولم يكتف علماء العامة بهذا بل أجازوا أن يتعين الإمام بالقهر والاستيلاء حسب تقرير التفتازاني المتوفى عام ٧٩١ ه :
قال : وتنعقد الإمامة بطرق :
أحدها : بيعة أهل الحل والعقد من وجوه الناس الذين يتيسر حضورهم من غير اشتراط عدد ولا اتفاق من في سائر البلاد ، بل لو تعلق الحلّ والعقد بواحد مطاع كفت بيعته.
ثانيها : استخلاف الإمام وعهده ، وجعله الأمر شورى بمنزلة الاستخلاف ، إلا أن المستخلف عليه غير متعين فيتشاورون ويتفقون على أحدهم ، وإذا خلع الإمام نفسه كان كموته ، فينتقل الأمر إلى ولي العهد.
ثالثها : القهر والاستيلاء ، فإذا مات الإمام وتصدّى للإمامة من يستجمع
__________________
(١) تفسير القرطبي ج ١ / ٢٦٠.