شرائطها من غير بيعة واستخلاف ، وقهر الناس بشوكته ، انعقدت الخلافة له وكذا إذا كان فاسقا أو جاهلا على الأظهر» (١).
يلاحظ على هذه الأقوال :
أولا : إن اختلاف القوم في شرائط الإمام وطرق تنصيبه ، جعل الخلافة وبالا على المسلمين ، حتى أخذت لنفسها شكلا يختلف كل الاختلاف عن الشكل الذي ينبغي أن تكون عليه ، فقد أصبحت الخلافة الإسلامية امبراطورية ، وملكا عضوضا ، يتناقلها رجال العبث والفساد ، وقد أعانهم في تسنم ذروة تلك العروش ، مرتزقة متظاهرين باسم الدين ، فبرروا أفعالهم ووجهوا أعمالهم توجيها ملائما للظروف السائدة ، فخلقوا في ذلك أحاديث وسنن مفتعلة على صاحب الرسالة ، واصطنعوا لهذا وذاك فضائل ، لتدعيم مراكزهم السياسية ، من هذه الأحاديث ما نسبوه إليهصلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال :
«يكون بعدي أئمة لا يهتدون بهداي ، ولا يستنّون بسنتي وسيقوم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنسي ، قال الراوي : قلت : كيف أصنع يا رسول الله إن أدركت ذلك؟ قال: تسمع وتطيع للأمير ، وإن ضرب ظهرك ، وأخذ مالك ، فاسمع وأطع» (٢).
ثانيا : كيف تنعقد الإمامة بواحد ، في حين لا ينعقد النكاح بين الزوجين إلا بشهادة رجلين (٣) ، فما هذه الغميزة في الخلافة حيث اعتبروها أقلّ شأنا من عقد الزواج الذي اهتمت به السنّة المطهرة على الخصوص بشئونه وأحكامه ، والعجب
__________________
(١) شرح المقاصد ج ٢ / ٢٧٢ ، ط / استانبول.
(٢) صحيح مسلم ج ١٢ / ١٩٩ ح ٥٢ ، ط / دار الكتب الإسلامية ، باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين وتحريم الخروج على طاعة السلطان.
(٣) أجمعت المذاهب الأربعة على أن الزواج لا ينعقد إلّا بشهادة رجلين أو رجل وامرأتين حال العقد ، لكن المالكية اشترطوا حضورهما عند الدخول ، أما الإمامية فلم يشترطوا شيئا من هذا القبيل.