حاشا نبيّنا الكريم من جاء رحمة للعالمين ، ومتمما لمكارم الأخلاق وخاتما للنبيين!! ومعنى كونه رحمة للعالمين أنه لم يترك شيئا إلّا بيّنه وحدّد تفاصيله ـ لا سيما هذا الأمر الخطير ـ وقد أوضح الباري العظيم هذا الأمر بقوله تعالى : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً) (١) وقد وجدناه نفسه لا يترك المدينة المنورة ، إذا خرج لحرب أو غزاة من غير أمير يخلفه عليها ، فكيف نصدّق عنه أنه أهمل أمر هذه الأمة العظيمة بعده إلى آخر الدهر من دون وضع قاعدة يرجعون إليها أو تعيين خلف بعده!
فلا يتبقى لنا إلّا أن نعتقد بوجوب تعيين الخليفة على الأمة حفظا لمصالحها ، ودرءا للأخطار عنها ، وطروء الشبهات عليها وانحراف أهلها ، وقد حصل هذا التعيين بنصوص قرآنية وأخرى نبوية أشارت إلى أن الإمام عليا وأبناءه المعصومين هم الخلفاء على هذه الأمة والشهداء عليها والقيمين على أفرادها. وبهذا يتضح بطلان الطريق الثاني لانتخاب الخليفة ، وأما الطريق الثالث فباطل مثله ، وإليك البيان.
الطريق الثالث : «الميراث» :
ذهب بعض الفرق الإسلامية كالعبّاسية والراوندية إلى ثبوت الإمامة بالوراثة باعتبار أنّ العبّاس بن عبد المطلب استحق الإمامة لقربه من النبيّ دون بني أعمامه.
ويلاحظ عليه :
١ ـ يشترط في الإمام العصمة ، وهي غير متوفرة في غير الإمام عليّ عليهالسلام وأولاده المنصوص عليهم واحدا تلو الآخر.
٢ ـ لو ثبت التوارث في الإمامة لكان ثبت ذلك للنساء والصبيان مع أن ذلك باطل بإجماع الأمة.
__________________
(١) سورة المائدة : ٣.