والجواب :
١ ـ إن إجماع الأمة كلها على خلافة أبي بكر لم يتحقق في وقت واحد بعد وفاة رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم مباشرة ، وهذا واضح مع قطع النظر عن عدم حضور أهل البيت عليهمالسلام وبعض الصحابة كسعد بن عبادة سيد الأنصار وأولاده وأصحابه ، وكذا سلمان وأبي ذر والمقداد وبني جعفر وغيرهم من بني هاشم وسادات الحرمين وعظماء المسلمين.
وأما دعوى تحققه بعد وفاة النبيّ بزمن بعيد ، فهي خلاف حقيقة الإجماع الذي يعتبر فيه اتحاد الوقت ، وعلى فرض تحققه بعد زمن طويل فإنه لا يكون حجة إلّا إذا دخل الباقون فيه طوعا ، أما إذا استظهر الأكثر وخاف الأقل ، ودخل فيما دخل فيه الأكثر خوفا وكرها فلا ، ولا شك أنّ الحال كان كذلك ، فإنّ بني هاشم لم يبايعوا أولا ، ثم قهروا فبايعوا بعد مدة ، وأما أمير المؤمنينعليهالسلام فقد أخرجوه من داره ليبايع وهو مقاد بحمائل سيفه.
وما قيل من أن أمير المؤمنين عليّا عليهالسلام بايع مكرها غير صحيح ، ولا برهان عليه سوى بعض الأقاويل مصدرها العامة ، لذا قال الشيخ المفيد (قدسسره) أحد أعلام الإمامية (٣٥٥ ـ ٤٣٦ ه) :
أجمعت الأمة على أن أمير المؤمنين عليهالسلام تأخر عن بيعة أبي بكر ، فالمقلل يقول : كان تأخره ثلاثة أيام ، ومنهم من يقول : تأخر حتى ماتت السيّدة فاطمة عليهاالسلام ثم بايع بعد موتها ، ومنهم من يقول تأخر أربعين يوما ، ومنهم من يقول : تأخر ستة أشهر والمحققون من أهل الإمامية يقولون : لم يبايع ساعة قط. ومما يدل على أنه لم يبايع البتة ، أنه ليس يخلو تأخره من أن يكون هدى وتركه ضلالا ، أو يكون ضلالا ، وتركه هدى وصوابا ، أو يكون صوابا وتركه صوابا ، أو يكون خطأ وتركه خطأ ، فلو كان التأخر ضلالا وباطلا ، لكان أمير المؤمنين عليهالسلام قد ضل بعد النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بترك الهدى الذي كان يجب المصير إليه وقد أجمعت الأمة