عود على بدء :
لقد أثبتنا بالإجمال بطلان طريقي الاختيار والميراث الدالّين على إثبات الخلافة ، فيبقى الطريق الأخير عنيت به «النص» من الله على لسان رسوله العظيم في تعيين الخليفة ، وسوف تأتيك الأدلة عليه.
بيان الأدلة على بطلان خلافة أبي بكر :
وهي كثيرة إليك بعضا منها.
الأول : إنّ الخلافة نيابة عن الرسول الكريم صلىاللهعليهوآلهوسلم ، والنائب يشترط فيه أن يحمل المواصفات والخصال الحميدة التي كان يحملها المنوب عنه ، ومسألة الخلافة هي من أمهات الأمور التي يجب مراعاة مواصفاتها وشروطها ، تماما كما هي شروط ومواصفات النبوة من العصمة والكمال والعلم والصفات الأخرى الكمالية ، لأن معنى كونه خليفة لا بد أن يتصف بنفس الصفات التي كان عليها النبيّ ، لأن مسألة الخلافة أو الإمامة ليست مركزا دنيويا ، أمر تفويضها إلى الناس فتكون كسائر المناصب الدنيوية كرئاسة الجمهورية في أزمنتنا الحاضرة ، الأمر ليس هكذا ، بل إن مسألة الخلافة فوق ما يتصوره السطحيون ، إنها إمرة إلهية تعيينها بيده تعالى لكونها استمرارا لوظائف النبوة ولا تفترق عنها سوى بالوحي التشريعي ، لأن الإمام يقوم بكل ما كان يقوم به النبيّ محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم من البيان والتبليغ وتفصيل المجملات وتفسير المعضلات ، وإظهار ما لم يتسنّ للرسول العظيم الإشارة إليه لعدم توفّر الظروف الموضوعية أو المناسبة لذلك ، أو لعدم تهيؤ النفوس لتقبل الحكم الشرعي ، مع وجود أحكام مشرّعة لم يحن الوقت لتبليغها ، عدا عن أنّ الإمام ببيانه يكمل الشريعة ويزيح شبه الملحدين ، ويدرأ عن الدين عادية أعدائه بقوته وسلطانه ، وبالجملة كل ما كان من الوظائف والمسئوليات الملقاة على عاتق الرسول هي ملقاة على عاتق الإمام إلّا التشريع.
وهناك شروط لا بدّ من توفرها بالإمام وليس كما يتوهم العامة عدم اشتراط