إشكال :
كيف قلتم انّ مطلق الإمامة أرقى من مقام الرسالة ، وفي نفس الوقت هي أثر من آثارها ، أليس هذا تعارضا في القول؟!
والحل :
لا تعارض عند التأمل ، وذلك لأن الخلافة أو الإمامة بالمعنى الأخص هي مقام تنفيذي ، الحصول عليه فرع وجود المقام التشريعي ـ أعني مقام الرسالة ـ ولمّا كان ابراهيم الخليل رسولا مشرّعا احتاج إلى مقام آخر يكون من خلاله قادرا على تنفيذ أحكام الله تعالى ، وهذا المقام هو مقام مطلق الإمامة ، إذ لو لا الرسالة لما كان لمقام «مطلق الإمامة» دور في المجال التطبيقي ، فهي بهذا المعنى رشح من رشحات الرسالة فتدبر.
وعلى أساس هذا التمايز بين الإمامة المطلقة ومطلق الإمامة ، نرى أنّ أئمة آل البيتعليهمالسلام لم يهبطوا عن مستوى الإمامة المطلقة حينما أهبطوهم عن مستوى مطلق الإمامة ، فالثانية فرع الأولى ، وعلى كلا التقسيمين للإمامة لا بدّ أن يتوفر في مطلق الإمام ـ عنيت الخليفة ـ عنصر ملكة العدالة ، ونعني بالملكة : الصفة الواقعية في العدالة التي يجب أن يتحلى بها الإمام ، ولا نريد العدالة بمعناها الظاهري المشهور وهو المحافظة ظاهرا على ظواهر الشريعة.
إنّ مفهوم العدالة ـ بحسب الفهم القرآني ـ هي الصفة الواقعية التي لا تفارق العبد في آن من آناته أو لحظة من لحظات حياته ، وكل من تلبّس بظلم خلال فترة وجوده فهو ظالم ولو لفترة زمنية مضت. فالآية الكريمة تتناول عدالة الإمام الواقعية بحيث لا يستحق تلك الإمامة من كان خارجا عنها ولو للحظة من عمره حتى ولو تاب بعدئذ وذلك لأمرين :
الأمر الأول :
أن الإمامة عهد من الله العليّ القدير ويؤيده قوله تعالى في ذيل الآية (لا يَنالُ