عَهْدِي ...) وفي نفس الوقت هي إمرة ربانية ووثيقة إلهية لا تنالها يد الظالمين ، لأن مفهوم الإمام ـ بحسب المنهج القرآني ـ هو الإنسان المثالي ، الذي يفترض أن يكون نقي الثوب ، مشرق الصحيفة ، ناصع السيرة ، يكون لأمره ونهيه نفوذ في القلوب ، ولا تكون قيادته محلا لطعن الطاعنين وانتقاداتهم ، بل يجب أن يكون على حالة من الكمال بحيث يستقبله الناس بوجوه ملؤها الإجلال والإكبار ، وهذا لا يكون سوى لشخص لم يعص الله تعالى طيلة حياته ، أما إذا كان في فترة من عمره مقترفا للذنوب والمعاصي فلا شك أنه سيكون عرضة لسهام الناقدين ، ولا تقبل أقواله أو قيادته بسهولة ، لذا يفرض العقل بلزوم نقاوة الإمام عن كل زلة ومعصية ، وأن الإنابة لو كانت ناجحة في حياته الفردية لا تكون ناجحة في حياته الاجتماعية ، ولا يقع أمره ونهيه موقع القبول.
الأمر الثاني :
إنّ كلمة «الظالمين» الواردة في الآية جمع محلّى باللام وهو ـ بحسب الاصطلاح الأصولي ـ يفيد الاستغراق الافرادي والزماني ، فإذا كان الظالمون بعامة أفرادهم ممنوعين من نيل الإمامة ، يكون الظلم بكل أنواعه وصوره وأزمانه مانعا من الرقي لهذا المنصب الخطير.
والحكم بعدم استحقاق الظالم للإمامة لا يدور مدار ثبوت الموضوع كما تصوّر العامة ، حتى إذا ما انتفى الموضوع ـ وهو الظلم ـ انتفى الحكم ـ وهو عدم استحقاق الإمامة لو كان ظالما ـ بل الحكم هنا في الآية يدور مدار وجود الوصف والعنوان وكان للحظة أو آنا ما ، لعموم اللفظ الدال على عموم الحالات والأزمان من دون أن يرد مقيّد أو مخصص ، فيبقى اللفظ على عمومه.
مثال ذلك : الزاني والسارق يبقى محكوما عليه بالحدّ وإن زال عنوان التلبس بالزنا أو السرقة ، بل وإن تاب بعد ثبوت الحكم في حقه. ومثله عنوان المستطيع ، فمن استطاع الحج يجب عليه وإن زالت عنه الاستطاعة وصار فقيرا ، ومثله عنوان