مؤرخو العامة يثبتون القصة كاملة في كتبهم بل ويستنكر بعضهم ذاك الفعل السيئ الذي يتنزه عنه حتى اليهودي أو المشرك آنذاك.
مفاد القصة :
أن خالد بن الوليد دخل البطاح ولم يجد بها أحدا ، ووجد مالكا قد فرّقهم عن الاجتماع وقال : يا بني يربوع إنّا دعينا إلى هذا الأمر فأبطأنا عنه فلم نفلح ، وقد نظرت فيه فرأيت الأمر يتأتى لهم بغير سياسة ، وإذا الأمر لا يسوسه الناس ، فإياكم ومناوأة قوم صنع لهم ، فتفرقوا وادخلوا في هذا الأمر ، ولما قدم خالد البطاح بثّ السرايا وأمرهم بداعية الإسلام وأن يأتوه بكل من لم يجب وإن امتنع أن يقتلوه ، وكان قد أوصاهم أبو بكر أن يؤذّنوا إذا نزلوا منزلا ، فإن أذّن القوم فكفّوا عنهم ، وإن لم يؤذّنوا فاقتلوا وانهبوا ، وإن أجابوكم إلى داعية الإسلام فسائلوهم عن الزكاة ، فإن أقرّوا فاقبلوا منهم ، وإن أبوا فقاتلوهم.
فجاءته الخيل بمالك بن نويرة في نفر معه من بين ثعلبة بن يربوع ، فاختلفت السرية فيهم ، وكان فيهم أبو قتادة ، فكان فيمن شهد أنهم قد أذّنوا وأقاموا وصلّوا ، فلما اختلفوا أمر بهم فحبسوا في ليلة باردة لا يقوم لها شيء ، فأمر خالد مناديا فنادى : ادفئوا أسراكم ، وهي في لغة كنانة القتل ، فظن القوم أنه أراد القتل ، ولم يرد إلّا الدفء ، فقتلوهم ، فقتل ضرار بن الأزور مالكا ، وسمع خالد الواعية ، فخرج وقد فرغوا منهم ، فقال : إذا أراد الله أمرا أصابه ، وتزوّج خالد أم تميم امرأة مالك ، فقال عمر لأبي بكر :
إن سيف خالد فيه رهق ، وأكثر عليه في ذلك ، فقال : هيه يا عمر! تأوّل فأخطأ ، فارفع لسانك عن خالد ، فإني لا أشيم سيفا سلّه الله على الكافرين ، وودى مالكا وكتب إلى خالد أن يقدم عليه ، ودخل المسجد وعليه قباء وقد غرز في عمامته أسهما ، فقام إليه عمر فنزعها وحطّمها ، وقال له : قتلت امرأ مسلما ثم نزوت على امرأته ، والله لأرجمنك بأحجارك! وخالد لا يكلّمه يظن أن رأي أبي