وقد تبرّأ منه نبيّ الإسلام الأعظم غير مرّة ، مستقبل القبلة شاهرا يديه وأبو بكر ينظر إليه من كثب؟!
زه زه بالاجتهاد تجاه نصّ الكتاب والسنّة ، ولا مرحبا بمجتهد يخالف دين الله! أيحسب الإنسان أن يترك سدى؟ أو يحسب أن لن يقدر عليه أحد؟ (كَلَّا إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ* وَقِيلَ مَنْ راقٍ* وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِراقُ* وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ* إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ) (١) (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ أَنْ يَسْبِقُونا ساءَ ما يَحْكُمُونَ) (٢).
إذن فإن مالكا رجل مسلم عاصر النبيّ الأعظم ، وأحسن صحبته واستعمله صلىاللهعليهوآلهوسلم على صدقات قومه ، وقد عدّ من أشراف الجاهلية والإسلام ومن أرداف الملوك ، لقد قتله خالد بأمر من أبي بكر لثلاثة أسباب :
الأول : عدم مبايعته لأصحاب السقيفة.
الثاني : عدم دفعه الزكاة لأبي بكر.
الثالث : طمعا بزوجته.
والسبب الثالث كان أمرا مشهودا ، فقتل الرجل مظلوما غيرة ومحاماة على ناموسه ، فهو شهيد لما في المتواتر : من قتل دون أهله فهو شهيد ، وفي الصحيح : من قتل دون مظلمته فهو شهيد (٣).
والعذر المفتعل من منع مالك الزكاة لا يبرّي خالدا من تلكم الجنايات ، أيصدّق جحد الرجل فرض الزكاة ، ومكابرته عليها وهو مؤمن بالله وكتابه ورسوله ومصدّق بما جاء به نبيّه الأقدس ، يقيم الصلاة ويأتي بالفرائض بأذانها وإقامتها ، وينادي بأعلى صوته : نحن المسلمون ، وقد استعمله النبيّ الأعظم على الصدقات ردحا من الزمن؟
__________________
(١) سورة القيامة : ٢٦ ـ ٣٠.
(٢) سورة العنكبوت : ٤.
(٣) الغدير ج ٧ / ١٦٢ نقلا عن مسند أحمد ج ١ / ١٩١ والنسائي والفيض القدير.