لقد جنّد أبو بكر تلك الجنود لنكح النساء وفضّ ناموس الحرائر ، وهو ينزّه ساحتهم بأعذار مفتعلة كالتأويل والاجتهاد ، وكأنهما يبيحان قتل الأنفس وهتك الأعراض وسلب الأموال. إن اجتهادا كهذا لا يبقي على الإسلام شيئا بل يعطي مبررا للسفاكين لئن يسفكوا أكثر ، فتنقلب الموازين ، ويسود الظلم والعدوان بدلا من شريعة العدل والأمن والأمان.
الطعن السابع :
تخلّفه عن جيش أسامة ، وقد لعن الرسول المتخلّف عنه ، قال أصحابنا رضوان الله عليهم : كان أبو بكر وعمر وعثمان من جيشه ، وقد كرّر النبيّ لما اشتد مرضه الأمر بتجهيز جيش أسامة ولعن المتخلّف عنه ، فتأخروا عنه واشتغلوا بعقد البيعة في سقيفة بني ساعدة ، وخالفوا أمره ، وشملهم اللعن ، ومن لعنه النبيّ استحق الطرد من الرحمة الإلهية ، ومن طرد لا يصلح للخلافة.
واتفق عامة المؤرخين على أن النبيّ أمر بتجهيز جيش أسامة وأن جماعة طعنوا في إمارته ولعن المتخلف عنه إلا أن العامة حرّفوا في كتابي الطبري وابن الأثير قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لعن الله من تخلّف عنه» إلى «لعن الذين يتخذون قبور أنبيائهم مساجد» وهاك ـ أخي القارئ ـ نص هاتين العبارتين لتعلم صحة ما أقول.
قال ابن الأثير :
«ضرب النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بعثا إلى الشام وأميرهم أسامة بن زيد مولاه وأمره أن يوطئ الخيل تخوم البلقاء والداروم من أرض فلسطين ، فتكلم المنافقون في إمارته وقالوا : أمر غلاما على جلّة المهاجرين والأنصار ، فقال رسول الله : إن تطعنوا في إمارته فقد طعنتم في إمارة أبيه من قبل ، وإنه لخليق للإمارة ، وكان أبوه خليقا لها ، وأوعب (١) مع أسامة المهاجرون الأوّلون ، منهم : أبو بكر وعمر ، بينما الناس على
__________________
(١) أي أدخل.