فقال الإمام عليّ عليهالسلام : إذا كنّا نحن كما تعرفون ولا تنكرون ، وشهادتنا لأنفسنا لا تقبل ، وشهادة رسول الله لا تقبل ، فإنّا لله وإنا إليه راجعون ، إذا ادّعينا لأنفسنا تسألنا البيّنة ، فما من معين يعين ، وقد وثبتم على سلطان الله وسلطان رسوله فأخرجتموه من بيته إلى بيت غيره من غير بيّنة ولا حجّة (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) (٢٢٧) (١) ثم قال للسيّدة فاطمةعليهاالسلام : انصرفي حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين.
قال المفضل : قال مولاي جعفر عليهالسلام :
كل ظلامة حدثت في الإسلام أو تحدث ، وكل دم مسفوك حرام ومنكر مشهور وأمر غير محمود فوزره في أعناقهما وأعناق من شايعهما أو تابعهما ورضي بولايتهما إلى يوم القيامة (٢).
ولمّا رأت سيّدة النساء فاطمة عليهاالسلام أن القوم أبطلوا شهودها الذين شهدوا لها بالنحلة ولم تنجح مساعيها ، جاءت تطالب بحقها عن طريق الإرث ، واتخذت التدابير اللازمة لتقوم بأكبر حملة دعائية واسعة النطاق ، وهي تعلم أن أهل السلطة يوم ذاك لا يخضعون للدليل الواضح والبرهان القاطع ، وصدق الشاعر حين قال :
وآية السيف تمحو آية القلم.
وعلى كل حال ، فإنّ احتجاج السيّدة الزهراء عليهاالسلام لا من أجل استلام قطعة أرض ، كيف؟ وهي الزاهدة بحطام الدنيا ، وهي التي كانت توزّع ما يأتيها من خراج فدك على فقراء المسلمين وأيتامهم ، وهي التي آثرت اليتيم والمسكين والفقير على نفسها وهي صائمة حتى نزل فيها قرآن يتلوه المسلمون آناء ليلهم وأطراف نهارهم ، وإنّما كان همها وهدفها من المطالبة الاعتراف بحقوق آل البيت لأن أبا بكر لو اعترف للزهراء عليهاالسلام بفدك ، فإنه سيجر إلى الاعتراف بأنه غاصب للخلافة.
__________________
(١) سورة الشعراء : ٢٢٧.
(٢) بحار الأنوار ج ٢٩ / ٩٢ ح ٤٠ نقلا عن كشكول العلّامة.