قطع عنك ، فاحتسبي الله ، فقالت : حسبي الله ، وأمسكت] (١).
أقول :
إن هذه الخطبة الجليلة من ذخائر بيت الوحي ، حافظ عليها رجالات الشيعة عامة ، والعلويون منهم خاصة ، يحرصون على روايتها لما فيها من حجج دامغة تثبت ظلامة الصدّيقة الشهيدة الزهراء وأمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهماالسلام عند مناوئيهم ، بحيث لم تترك مجالا لأولئك الظلمة الذين بلغوا الذروة في باطلهم وتهالكهم على جمع الحطام ، واضطهادهم ذرية نبيهم وتماديهم على الضلالة ، وقد طفحت الكتب من الفريقين بذكرها واشتبكت الأسانيد على نقلها. «ومن استشف حقائقها ، وألمّ بها إلمامة صحيحة لا يشك في أنها تنهدات الصدّيقة الحوراء وأنها نفثة مصدور وغضبة حليمة لا تجد مندوحة من الأصحار بالحقيقة حيث بلغ السكين المذبح فصبتها في بوتقة البيان لتبقى حجة بالغة مدى الأحقاب تعريفا للملإ الديني في الحاضر والغابر محل القوم من الفظاظة والحيف المفضيين إلى عدم جدارتهم لمنصب الخلافة وبعدهم عن مستوى الإمامة ومباينتهم للحق.
على أن جملها شاهدة فذّة على إثبات نسبتها إلى ابنة الرسالة لما فيها من إلماعة ضوء النبوة ونشرة من عبق الإمامة ونفحة من نفس الهاشميين مداره الكلام وأمراء البلاغة» (٢).
وأمّا ما ورد في الفقرة الأخيرة فإنّا نشك بصحة صدورها عن الصدّيقة الطاهرة وذلك للملاحظات التالية :
أولا : شدة التوبيخ الصادر إلى أمير المؤمنين عليهالسلام مع علمها بعصمته وكونه مأمورا من الله تعالى على لسان رسوله الكريم بعدم حمل السلاح لدفع القوم إلّا بعد إتمام العدّة وهي أربعون رجلا ، مما يستلزم صدور العبث والجهل منها ـ
__________________
(١) الاحتجاج ج ١ / ١٤٥ وبحار الأنوار ج ٢٩ / ١١٥.
(٢) وفاة الصدّيقة الطاهرة / المقرّم ص ٧٨.