فالكتاب قرينة على أن الإرث هو المعرفة هنا لا المال ، وكذا قوله تعالى :
(ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا) (١).
وكذا قوله تعالى :
(وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشارِقَ الْأَرْضِ وَمَغارِبَهَا الَّتِي بارَكْنا فِيها) (٢).
(وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتابَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ) (٣).
ثانيا : إنّ الوراثة لسليمان عليهالسلام ويحيى من داود وزكريا هو إرث المال لا العلم لأن سليمان كان نبيا في حياة أبيه داود حسبما قصّ علينا القرآن الكريم في قصة الزرع الذي نفشت فيه غنم القوم (فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ وَكُلًّا آتَيْنا حُكْماً وَعِلْماً) (٤).
وورد في تفسير قوله تعالى : (إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِناتُ الْجِيادُ) (٥) إن النبيّ سليمان ورث من أبيه داود ألف فرس حينما أصابها النبيّ داود من العمالقة (٦) ، وهي الجياد استعرضها سليمان مسرورا بها.
فسليمان ورث أباه داود تلك الخيول والأفراس وغيرها من الأموال التي تركها داود ، فثبت بهذا أن سليمان ورث أباه بالمال لا بالعلم.
ودعوى الآلوسي في تفسيره «بأن الأنبياء لا يورّثون لحديث رواه أبو بكر محتجا به في مسألة فدك والعوالي بمحضر الصحابة وهم الذين لا تأخذهم في الله لومة لائم» (٧) مردودة عليه وذلك :
__________________
(١) سورة فاطر : ٣٢.
(٢) سورة الأعراف : ١٣٧.
(٣) سورة الشورى : ١٤.
(٤) سورة الأنبياء : ٧٩.
(٥) سورة ص : ٣١.
(٦) بحار الأنوار ج ١٤ / ١٠٢ ومجمع البيان ج ٨ / ٢٧٦ وتفسير الكشاف للزمخشري ج ٤ / ٨٨.
(٧) روح المعاني ج ١٣ / ٢٨٠.