(فَوَجَدا عَبْداً مِنْ عِبادِنا آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً) (١).
(يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا) (٢).
(وَلُوطاً آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً) (٣).
هذا مضافا إلى أنه لا معنى لدعاء زكريا لكي يهبه ولدا يرثه بالعلم ، وقد أفاض الله عزوجل على يحيى الحكم صبيا ، بمعنى أن زكريا لم يطلب ولدا ليورّثه العلم والنبوة لأنهما مما لا يورثان بل يفاضان من الله تعالى على صاحبهما ، فلا يمكن حينئذ لزكريا أن يهب النبوة أو العلم لابنه يحيى ، مع التأكيد على أن قول زكريا (رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُنْ بِدُعائِكَ رَبِّ شَقِيًّا* وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ مِنْ وَرائِي وَكانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا* يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا) (٤).
فقد طلب زكريا وارثا لأجل خوفه من أن يرثه الموالي الفسقة من بين إسرائيل ، ولا يليق خوفه منهم إلا بالمال دون النبوة والعلم ، لأنه عليهالسلام كان أعلم بالله عزوجل من أن يخاف أن يبعث الله نبيا من ليس أهلا للنبوة ، وأن يورّث علمه وحكمته من ليس لهما بأهل ، لأنه إنما بعث لإذاعة العلم ونشره في الناس ، فكيف يخاف من الأمر الذي هو الغرض في بعثته؟!!
إشكال وحل :
كيف تقولون إن زكريا طلب ولدا ليرثه بالمال ، أليس في هذا إضافة البخل إليه؟
قلنا : معاذ الله أن يطرق إلى ساحته بخل ، وإنما طلب الولد ليرثه حرصا منه
__________________
(١) سورة الكهف : ٦٥.
(٢) سورة مريم : ١٢.
(٣) سورة الأنبياء : ٧٤.
(٤) سورة مريم : ٣ ـ ٦.