تكذّب الحديث المزعوم الذي اختلقه أبو بكر بلفظين ، الأول قوله : إنّا معشر الأنبياء لا نورّث ما تركناه صدقة (١).
والثاني قوله : إنّا معشر الأنبياء لا نورّث ذهبا ولا فضة ولا أرضا ولا عقارا ولا دارا لكنّما نورّث الإيمان والحكمة والعلم والسنة (٢). ثم ادّعى أنه سمع من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : إنما هي طعمة اطعمناها الله ، فإذا متّ كانت بين المسلمين (٣).
وفي خبر آخر عنه : أن الله أطعم نبيّه (٤) طعمة ثم قبضه ، وجعله للذي يقوم بعده ، فوليت أنا بعده (٥) ، على أن أرده على المسلمين.
فهذه العمومات يدخل فيها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كغيره من المسلمين الذين يورّثون أبناءهم ، لا سيّما وأنه قدوة لغيره في توريث أولادهم ، وقد ورّث رسول الله نساءه الحجرات اللاتي كن يسكن فيها ، وقد تبرعت عائشة بسهمها وسهم غيرها من دون إذنهن لكي يدفن فيه أبو بكر وعمر بن الخطّاب ، فمن عجائب الدهر أن تدفع مولاتنا الصدّيقة فاطمة عليهاالسلام من دعواها وتمنع من فدك بقولها وقيام البيّنة على ذلك وتترك حجر أزواج النبيّ في أيديهن من غير بيّنة ولا شهادة.
ودعوى «أن الأنبياء فقراء لا يملكون شيئا» مردودة : لما ثبت من سيرة
__________________
(١) صحيح مسلم ج ١٢ / ٦٦ ح ١٧٥٨ وفروعه.
(٢) شرح النهج لابن أبي الحديد ج ١٦ / ٣٤٧.
(٣) شرح النهج ج ١٦ / ٣٥٠.
(٤) المصدر نفسه.
(٥) ملاحظة : قال ابن أبي الحديد في شرحه ج ١٦ / ٣٥٠ : في هذا الحديث عجب ، لأنها قالت له : أنت ورثت رسول الله أم أهله؟ قال : بل أهله ، وهذا تصريح بأنه صلىاللهعليهوآلهوسلم موروث يرثه أهله وهو خلاف قوله لا نورّث. وأقول : بل مخالف لقوله : إن الله أطعم نبيّه طعمة فإذا مت كانت بين المسلمين. ونحن نسأل : لما ذا لم يطعم أبو بكر شيعة الزهراء حينما طالبته بحقها ، أليست من المسلمين حتى منعها هذه الطعمة؟! أم لئن منعه منها لأجل شيء كان في نفس أبي بكر وصاحبه عمر؟!!