قد يقال : قد روي إن النبيّ قسّم الحجر بين نسائه وبناته ، والتقسيم دلالة الملكية.
قلنا : من أين العلم أن القسمة تستلزم التمليك دون الإسكان والإنزال؟ ولو كان قد ملّكهنّ ذلك لوجب أن يكون ظاهرا مشهودا ، ودعوى «أن أمير المؤمنين عليهالسلام ترك أزواج النبيّ في حجرهن ولم يطالبهنّ بالميراث» مدفوعة بأن تركه الحجرات في يد الأزواج لمثل ما ترك المطالبة بفدك حرصا على أن لا يعقب ما هو أعظم منه.
الشهبة الثانية :
إذا كان أبو بكر قد حكم بخطإ في دفع الصدّيقة الطاهرة عليهاالسلام عن الميراث ، واحتج بخبر لا حجة فيه ، فما بال الأمة أقرته على هذا الحكم ، ولم تنكر عليه ، وفي رضاهم وإمساكهم دليل على صوابه (١).
والجواب :
١ ـ إن ترك النكير لا يكون دليل الرضا إلا في الموضع الذي لا يكون له وجه سوى الرضا.
وبعبارة أخرى : لا ملازمة بين ترك النكير والرضا ، فقد يكون عدم النكير لتقية أو خوف أو مصلحة أهم.
٢ ـ أن النكير قد كان واقعا من السيّدة فاطمة عليهاالسلام ، ويشهد لهذا خطبتها القاصعة ، وهجرانها لأبي بكر إلى أن ماتت ، ووصايتها بأن لا يصليا عليها ودفنها ليلا.
٣ ـ وكما قال الجاحظ في كتابه «العبّاسية» : [لئن كان ترك النكير دليلا على صدقهما ، أنّ تركهم ـ أي الصحابة ـ النكير على المتظلمين منهما والمحتجبين
__________________
(١) تلخيص الشافي لشيخ الطائفة أبي جعفر الطوسي ج ٣ / ١٥٠.