ارتدّ عن الإسلام بسبب تركهم لمولى الأنام عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ، من هنا لم يحاربهم عليهالسلام خوفا من تعنتهم وشدة تصلّبهم ، فيتقوى المشركون على بلاد الإسلام وهو مما لا تحمد عقباه. وبعض الصحابة الموالين لأمير المؤمنين عليّ عليهالسلام قد استنكروا على خلفاء الجور آنذاك ، ولكنّ هذا الإنكار لم يصل إلى المستوى المطلوب في عملية التغيير ، لا لضعف عند هؤلاء بل لعدم توفّر السّبل الأخرى التي هي شرط في عملية التغيير ، منها وجود النخبة الصالحة من القواعد الشعبية الموالية ، فقلة الأنصار سبب في سكون هؤلاء وعدم خروجهم على اولئك الذين يملكون كل عناصر الإرهاب الفكري والعسكري ، مع وفرة المؤيدين لهم والمناصرين لخطهم ، وهذه طريقة السفهاء في كل عصر ومكان.
الشبهة الخامسة :
إنّ خطأ أبي بكر تماما كخطإ أبوينا آدم وحواء عليهماالسلام حيث أزلهما الشيطان عن الجنّة (فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ عَنْها) (١) فوسوس لهما الشيطان فأخرجهما مما كانا فيه ، فلم عذرتم ـ أيّها الشيعة ـ فعل آدم ولم تعذروا فعل أبي بكر.
والجواب :
لا يقاس خطأ أبي بكر بما صدر من أبينا النبيّ آدم عليهالسلام ، فقياس الأول على الثاني قياس مع وجود فارق ، إذ إنّ خطأ أبي بكر عبارة عن شيطنة مع إطاعة ، فأبو بكر أخبر عن نفسه بطاعة الشيطان عند الغضب ، وأن عادته بذلك جارية ، وليس هذا بمنزلة من يوسوس إليه الشيطان ولا يطيعه ويزيّن له القبيح فلا يأتيه ، وليس وسوسة الشيطان بعيب على الموسوس له إذا لم يستزله ذلك عن الصواب ، بل هو زيادة في التكليف ، ووجه يتضاعف معه الثواب.
وأما قوله تعالى (فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ عَنْها) فإن معناه : أن أبوينا آدم وحواء عليهماالسلام كانا مندوبين إلى اجتناب الشجرة وترك التناول منها ، ولم يكن ذلك
__________________
(١) سورة البقرة : ٣٦.