عليهما واجبا لازما ، لأن الأنبياء عليهمالسلام لا يخلّون بالواجب ، فوسوس لهما الشيطان حتى تركا المندوب إليه من الامتناع من تناول الشجرة ، وحرما أنفسهما بذلك الثواب ، فسماه الله إزلالا ، لأنه حط لهما عن درجة الثواب ، وفعل الأفضل ، وأما قوله تعالى (وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى) فلا ينافي هذا التأويل ، لأن المعصية قد يسمى بها من أخلّ بالواجب والندب معا ، وقوله «فغوى» أي خاب من حيث لم يستحق الثواب على ما ندب إليه. وعليه فإن معصية آدم مجازية لا يستحق عليها ذما ولا عقابا ، فأين هذا من قول أبي بكر مخبرا عن نفسه «بأن الشيطان يعتريه حتى يؤثر في الأشعار والأبشار» فكيف يسوّى بينه وبين ما لا يستحق عليه عقاب ولا يثبت عليه ذم ، وهو يجري مجرى المباح من حيث إنه لا يؤثر في حال فاعله.
قد يقال : إنما قال أبو بكر ذاك القول على نحو الخشية والإشفاق لا الحقيقة والحال.
قلنا : إن مفهوم خطابه يقتضي خلاف ذلك ، ألا ترى أنه قال : «إن لي شيطانا يعتريني» وهذا قول من تلبّس فيه الشيطان فهو ملازم له في ليله ونهاره ، ولو كان على سبيل الإشفاق والخوف لكان قال «إني لا آمن من كذا وإني لمشفق منه».
هذه أهم النقاط في الطعن العاشر الوارد في أبي بكر بن أبي قحافة أثرتها ابتغاء إجلاء الحقيقة وكشف القناع عن ماهية الخليفة المزعوم ، وهناك طعون أخرى أعرضنا عن ذكرها خوف ملل القارئ.
كما أن هناك طعونا على نظيره عمر بن الخطاب أهمها :
الطعن الأول :
ما روته العامة والخاصة ، أن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أراد في مرضه أن يكتب لأمته كتابا لئلا يضلوا بعده ولا يختلفوا ، فطلب دواة وكتفا أو نحو ذلك ، فمنع عمر من إحضارهما ، وقال إنه ليهجر!! أو ما يؤدي هذا المعنى ؛ حسبما ادّعى العامة ـ وقد