ويدفعه :
١ ـ أن السورة مكية ، ومجابهته لليهود إنما كان في المدينة ، فتسقط هذه المرويات عن الحجية والاعتبار ، هذا بالإضافة إلى ضعف أسانيدها ، وعدم موافقة مداليلها للكتاب الكريم.
٢ ـ لو كان السحر يفعل بجسم النبيّ ما فعله لأمكن أن يؤثّر في روحه أيضا ، وتكون أفكاره بذلك لعبة بيد السحرة ، وهذا يزلزل مبدأ الثقة بالنبيّ ، مع أن النبيّ مصون من تأثير السحر ، كيف؟ وقد ردّ القرآن الكريم على اولئك الذين اتهموه صلىاللهعليهوآلهوسلم بأنه مسحور ، إذ يقول : (وَقالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلاً مَسْحُوراً* انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً)(١).
قد يقال : إن المراد من قوله «مسحورا» فاسد العقل بالسحر ، وأما تأثره عن السحر بمرض يصيبه في بدنه ونحوه فلا دليل على مصونيته منه ـ حسبما ذهب إليه العلّامة الطباطبائي ـ (٢).
قلنا : إن هذا مدفوع بإطلاق كلمة «مسحورا» الشامل للسحرين : العقلي والجسمي ، ولا قرينة معتبرة دالة على التقييد ، والاعتماد على نصوص ضعيفة أكثرها من مصادر العامة مشكل شرعا ، هذا بالإضافة إلى كونها تمسّ بقدسية مقام النبوة ، ولا يعتمد عليها في فهم الآيات.
٢ ـ لو كان اليهود بمقدورهم أن يفصلوا بسحرهم ما فعلوه بالنبيّ حسبما جاء في بعض هذه المرويات لاستطاعوا أن يصدوه عن أهدافه بسهولة عن طريق السحر ، والله سبحانه قد حفظ نبيه كي يؤدي مهام النبوة والرسالة (٣).
فما ادعاه العامة من تأثر النبيّ بالسحر حتى صار يخيّل إليه أنه فعل الشيء
__________________
(١) سورة الفرقان : ٨ ـ ٩.
(٢) تفسير الميزان ج ٢٠ / ٣٩٤.
(٣) تفسير الأمثل ج ١٠ / ٥١١.