ولم يكن فعله ، ليثبتوا صحة مقالة عمر بن الخطاب ، لا دليل عليها ولا برهان ، بل هي افتراء وبهتان عليه صلوات الله عليه وآله ، لكون السحر لا يؤثّر في جسده المبارك حيث من فاضل طينته خلق الله النبيين والأولياء والمرسلين والشيعة من الملائكة والمؤمنين ، فمن كان هذا حاله كيف يؤثر فيه السحر ، علاوة على عقله وروحه الذي من أجله أثاب وعاقب. وهل يؤمن على الرسالة من أثّر فيه السحر والشعوذة؟!
وعلى فرض أنّ السحر أثّر في جسده المبارك ـ وفرض المحال ليس محالا ـ فهل يؤثّر على أقواله وأفعاله؟
إن قلنا إنه يؤثّر ، لصار تابعا غير متبوع وبطل حينئذ كونه قدوة وأسوة حسنة ، وخلاف قوله تعالى (وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) (١) (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) (٢).
(وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً) (٣).
(فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (٤).
ثانيا : إنّ ما ذكره النّووي وأمثاله «من الاعتلال بأنّ عمر بن الخطاب لشدة فقاهته ودقة نظره رأى أن الأوفق بالأمة ترك البيان ، ليكون المخطئ مأجورا ، وأنه خشي من أن يكتب الرسول أمورا يعجزون عنها ، فيستحقون العقوبة بعصيانهم لها» مردود جملة وتفصيلا وذلك :
__________________
(١) سورة الحشر : ٧.
(٢) سورة النساء : ٥٩.
(٣) سورة الأحزاب : ٣٦.
(٤) سورة النساء : ٦٥.