موصى ولقلة أنصاره ، ولا يصح دفعهم ، والحال أن النبيّ على فراش الموت مما يسبّب أذية لهصلىاللهعليهوآلهوسلم ومن آذاه فقد آذى الله تعالى.
وقد يكون السكوت أهم من حيث كونه اختبارا للأمة وامتحانا لها ، إذ كان من اللازم على المسلمين أن يرغموا أنف من منع وصول الدواة والكتف إلى رسول الله ، ولمّا فشلوا في ذلك ، ثم تأكد فشلهم عند ما وقفوا على الأطلال يتفرّجون على بضعة الرسول كيف كان يضربها عمر وخالد وقنفذ ، أبعد هذا يقال إن النبيّ لم يصر على الطلب وقد فشلوا في نصرته ودفع الضّيم عنه وأهل بيته ـ وكان يعلم بما سيئول إليه أمرهم ـ لقد سقط المسلمون آنذاك في مخالب الشيطان ، ألا في الفتنة سقطوا.
قد يقال : إن النبيّ كفّ عن الطلب لما رأى من صواب قول عمر بن الخطاب.
قلنا : ليس في الكلام ما يدل على تصويب رأي عمر ، فإن قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم في المستفيض : «قوموا عني ولا ينبغي عندي التنازع» صريح في الغيظ والتأذي بتلك المخالفة.
وهل يجوّز عاقل أن ينطق بمثل هذا الكلام في مقام تصويب رأي من وصفه الله بالخلق (١) العظيم والشاهد (٢) على الأمة؟!!
الشبهة الرابعة :
إن قوله «حسبنا كتاب الله» يدل على أنه لا خوف على الأمة من الضلال بعد كتاب الله في حكم من الأحكام وإلّا لم يصح أن يستند إليه عمر في منع كتابة ما أراده النبيّصلىاللهعليهوآلهوسلم ولم يصرّح بتعيينه ، ولعلّ ما أراد النبيّ كتابته هو بيان ما يرفع الاختلاف في أمته.
__________________
(١) كقوله تعالى : (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) القلم : ٤.
(٢) كقوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً) الأحزاب : ٤٥.