قال : نعم ، قال : جزاك الله خيرا عن الإسلام وأهله ، ثم أتمّ العهد وأمر أن يقرأ على الناس فقرئ عليهم ..» (١).
فجوّزوا في رسول الله أن يكون عهده هجرا وهذيانا ، ولا يكون كذلك في عهد أبي بكر ، أمن العدل أن ينسبوا الهجر إلى رسول الله وينزّهوا عنه أبا بكر وعمر مع أنه لم يدل دليل من العقل والنقل على براءتهما من الهذيان ، فالأنسب لأشياعهما الذين يجوّزون الهذيان على سيّد الأنام صلىاللهعليهوآلهوسلم تصحيحا لقول عمر بن الخطاب أن يتردّدوا في إمامته ولا يستندوا إلى وصية أبي بكر في شأنه.
ثم إن قول عمر بن الخطّاب في مقام الردّ على الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم «حسبنا كتاب الله» يدل على أنه لا حاجة إلى الخليفة مطلقا ، فكيف سارع إلى السقيفة لعقد البيعة وجعله أهمّ من دفن سيّد البريّة عليه وآله أكمل الصلاة والتحية.
الشبهة السابعة :
إنّ ردّ عمر بن الخطّاب على رسول الله كان من فضائله من حيث إنّ الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يستشير أصحابه ويأخذ بالرأي الراجح ، من هنا كان عمر يردّ على رسول الله في كثير من المواطن ، وكان النبيّ بدوره يرجع إلى قوله ويترك ما حكم به ، ويستشهد العامة على ذلك بأخبار تدل بنظرهم على جرأته وفضله ، روى ابن أبي الحديد منها روايتين :
الأولى :
لما توفّى عبد الله بن أبي ، رأس المنافقين في حياة رسول الله ، جاء ابنه وأهله ، فسألوا رسول الله أن يصلّي عليه ، فقام بين يدي الصفّ يريد ذلك ، فجاء عمر فجذبه من خلفه ، وقال: ألم ينهك الله أن تصلي على المنافقين! فقال : إنّي خيّرت فاخترت ، فقيل لي : (اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ
__________________
(١) شرح النهج ج ١ / ١٢٨.