كما يعتبر في صيغة العقد الماضوية لكونه صريحا في الإنشاء وهو قول المشهور ، وإن كان هناك رأي آخر في عدم اعتبار الماضوية بل يصح بصيغة المضارع كما قال صاحب المسالك ووافقه صاحب الجواهر (١) ودعواهما : أن المقصود من العقد لمّا كان هو الدلالة على القصد الباطني ، واللفظ كاشف عنه ، فكل لفظ دل عليه ينبغي اعتباره.
لكنّ الاحتياط يقتضي الأخذ بقول المشهور وذلك :
أولا : لأن الماضي دال على صريح الإنشاء المطلوب في العقود ، أما المضارع فيحتمل منه الوعد ، والعقود ـ كما نصّ على ذلك علماء البلاغة ـ تكون بالماضي كثيرا نحو : بعت واشتريت وزوّجت ، وبغيره قليلا نحو : أنا بائع ، ولا يعدل عن الشائع بالشاذ النادر.
الثاني : لأن العقد مع الإتيان باللفظ الماضي متفق على صحته وغيره مشكوك فيه ، فيقتصر على المتيقن ، ولأن تجويز غيره يؤدي إلى انتشار الصيغة وعدم وقوفها على قاعدة ، فيصير العقد اللازم مشبها للإباحة ، والعقود اللازمة موقوفة على ثبوت أمر من الشارع لأنها أسباب توقيفيّة فلا يتجوز فيها.
فاللفظ في الصيغة شرط في صحة العقد ، ولا يتم الزواج سواء كان منقطعا أم دواما بالمراضاة والمعاطاة ، ولا بالإشارة والكتابة مع القدرة على اللفظ ، وبهذا يفترق عقد الزواج بقسميه عن غيره من العقود.
إشكال وحل :
وجه الإشكال : لما ذا اشترطتم اللفظ؟ وهل اللفظ إلا وسيلة للكشف عن الرضا الباطني والإرادة الواقعية ، فإذا تأكدنا من وجود الرضا الباطني كان اللفظ وعدمه سواء؟.
__________________
(١) جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام ج ٢٩ / ١٣٥ باب صيغة العقد.