وبالجملة : فإن حقيقة المنقطع والدائم واحدة ، ويشتركان في الأحكام معا إلّا ما استثناه الدليل.
النقطة الثانية : في زواج المتعة في كتاب الله.
قال الله سبحانه : (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً) (١).
لا إشكال ولا خلاف أن مورد هذه الآية هو الزواج المؤقت أو المتعة ، ويستفاد منها أنّ زواج المتعة كان قطعيا ومسلّما عند المسلمين ، ويشهد لهذا أمور :
الأول : إن كلمة «متعة» التي اشتق منها لفظة «استمتعتم» تعني الزواج المؤقت لأن لفظ «الاستمتاع» إذا أطلق لا يستفاد منه شرعا إلّا العقد المؤجّل ، وإن كان في أصل الوضع معناه الانتفاع ، ولا خلاف عند المتشرعة أن الشيء إذا كان له وضع وعرف شرعي يجب حمله على العرف الشرعي دون الوضع ، لكونه صار حقيقة ، والوضع مجازا والحكم للطارئ ، ألا ترى أنهم يقولون : فلان يقول بالمتعة وفلان لا يقول بالمتعة» ولا يريدون إلا العقد المخصوص.
وبعبارة أخرى : المتعة حقيقة شرعية في هذا النوع من الزواج ، فصارت مخصوصة بهذا العقد المعروف ، ويدل على هذا استعمال أئمة آل البيت عليهمالسلام وأكثر الصحابة هذا اللفظ بالزواج المنقطع. منها ما ورد :
١ ـ عن أبي بصير عن أبي جعفر عليهالسلام قال : كان يقرأ فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى فآتوهن أجورهن فريضة ... فقال : هو أن يتزوجها إلى أجل مسمّى ثم يحدث شيئا بعد الأجل (٢).
٢ ـ وعن زرارة ، قال : جاء عبد الله بن عمير الليثي إلى الإمام أبي جعفر عليهالسلام فقال له : ما تقول في متعة النساء؟
__________________
(١) سورة النساء : ٢٤.
(٢) تفسير العياشي ج ١ / ٢٦٠ ح ٨٧ و ٨٨ ،