فقال : أحلها الله في كتابه وعلى لسان نبيّه فهي حلال إلى يوم القيامة ، فقال : يا أبا جعفر مثلك يقول هذا وقد حرّمها عمر ونهى عنها؟
فقال عليهالسلام : وإن كان فعل. قال : إني أعيذك بالله من ذلك أن تحل شيئا حرّمه عمر ، قال : فقال له : فأنت على قول صاحبك وأنا على قول رسول الله ، فهلم ألا عنك أن القول ما قال رسول الله وأن الباطل ما قال صاحبك (١) ..
الثاني : أن لفظة «متعة» إذا لم تكن بالمعنى المذكور ، يجب أن تفسّر حتما بمعناها اللغوي وهو «الانتفاع» فتدل الآية حينئذ على الزواج الدائم ، فيصير المعنى هكذا : «إذا انتفعتم بالنساء الدائمات فادفعوا إليهن أجورهن» في حين نعلم أن دفع المهر غير مقيّد ولا مشروط بالانتفاع بالزوجات الدائمات بل يجب دفع تمام المهر في حال الدخول ، ونصفه بمجرد العقد دون دخول.
الثالث : [إن أئمة آل البيت عليهمالسلام الذين هم أولى برسول الله وبأحاديثه من غيرهم ، وكذا كبار الصحابة والتابعين أمثال ابن عبّاس حبر الأمة ، وجابر بن عبد الله الأنصاري وعمران بن حصين وسعيد بن جبير ومجاهد وقتادة والسدي وأبي بن كعب وجماعة كبيرة من مفسري العامة والخاصة ، فهموا من الآية المزبورة حكم الزواج المؤقت إلى درجة أن الفخر الرازي ـ رغم تعصّبه على الشيعة ـ اعترف بشرعيتها إلا أنه ادّعى أنها منسوخة فقال :
«إنّا لا ننكر أن المتعة كانت مباحة ، إنما الذي نقوله : إنها صارت منسوخة وعلى هذا التقدير فلو كانت هذه الآية دالة على أنها مشروعة لم يكن ذلك قادحا في غرضنا ، وهذا هو الجواب أيضا من تمسّكهم بقراءة أبي وابن عبّاس ، فإن تلك القراءة بتقدير ثبوتها لا تدل على أن المتعة كانت مشروعة ، ونحن لا ننازع فيه ، إنما الذي نقوله : إن النسخ طرأ عليه» (٢).
__________________
(١) تفسير البرهان ج ١ / ٣٦٠ ح ٣ والنصوص عنهم عليهمالسلام كثيرة جدا فلاحظ.
(٢) تفسير الرازي ج ١٠ / ٥٣ سورة النساء. وهكذا قال ابن كثير في تفسيره ج ١ / ٤٠٨.