الأولى : تشير إلى أن التحريم صدر من الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم في عدة مواقع كخيبر ومكة بعد عام اوطاس ، وفي بعض النصوص أن المتعتين مخصوصتان بأصحاب رسول الله دون غيرهم (١). وأغلب هذه النصوص تدل على إباحة المتعة في السفر.
الثانية : إلى أن النهي صدر من عمر بن الخطاب ، مع اعترافه أن المتعتين كانتا على عهد رسول الله واستنكار كثير من الصحابة عليه.
لذا دفعا لمحذور التناقض الحاصل بين هذه المرويات نسبوا تكرار النسخ في حكم واحد ، حتى ولو أدى هذا النسخ إلى التلاعب بالدين واضطراب المشرّع الإسلامي وعدم استقراره على حكم معيّن في واقعة واحدة.
وعلى فرض جواز تكرر النسخ في حكم واحد دفعا لتناقض الأحاديث ، فلا بدّ من القول بتكرر النسخ بعدد الأحاديث المتناقضة ، وعلى هذا فقد صحّ ما نقله القرطبي حيث قال :
«وقال غيره ـ أي ابن العربي ـ ممن جمع الأحاديث في المتعة ، أنها تقتضي التحليل والتحريم سبع مرات ، فروى ابن عمرة : أنها كانت في صدر الإسلام ، وروى سلمة بن الأكوع أنها كانت عام اوطاس ، ومن روايات على تحريمها يوم خيبر ، ومن رواية الربيع بن سبرة إباحتها يوم الفتح ، وهذه الطرق كلها في صحيح مسلم ، وفي غيره عن عليّ نهيه عنها في غزوة تبوك ، وفي سنن أبي داود عن الربيع بن سبرة النهي في حجة الوداع ، وذهب أبو داود إلى أن هذا أصح ما روي في ذلك ، وقال عمرو عن الحسن : ما حلت قبلها ولا بعدها ، وروى هنا في سبرة أيضا. فهذه سبعة مواطن أحلت فيها المتعة ثم حرّمت ..» (٢).
فالتزام العامة بصحة كل ما ورد في الكتب الموسومة بالصحة عندهم أدى إلى القول بنسخ حكم المتعة في الشرع مرات متعددة ، ولنعم ما قاله ابن القيّم في
__________________
(١) صحيح مسلم ج ٨ / ١٦٦ ح ١٦٠ ـ ١٦١ ـ ١٦٢.
(٢) تفسير القرطبي ج ٥ / ١٣٠ ـ ١٣١.